وفي الثاني: يكون المراد أن الضمير المجرور منصوب المحل، بمعنى أنه منصوب فيكون العامل قد توجه إليه في المعنى بدون واسطة الجار، فيكون الصلاة واقفة عليهم بغير فاصل.
فإذا قرأت بالنصب كان المعطوف مشاركا له في عدم الفاصل، ويلزم التساوي في الوجود، أو في الصلاة. فعلى التساوي في الوجود يلزم خلاف الواقع وعلى التساوي في الصلاة يلزم خلو السابق عن صلة المتفضل عز وجل إلى أن وجد اللاحق، ويلزم من هذا أفضلية اللاحق وهو مناف للحكمة.
وإن قلت: أنه معطوف على المحل ولا يلزم التساوي في الوجود ولا في الصلاة لتأخره لفظا؟
قلت: إنما يتوجه هذا إذا كان المعطوف مجرورا ليكون عطفا على لفظ الضمير الذي دخل عليه الجار، وأما إذا قدرت العطف على المحل فلا يتجه ذلك لأن الألفاظ قوالب المعاني، والإرادة لا تفرغ المعاني عن قوالبها.
فالذي ينبغي أن يقرأ بالجار لينتظم اللفظ على ترتيب الوجود والطبيعة. وعلى هذا كان صلى الله عليه وآله وسلم أول مخلوق، فكان نوره يطوف حول القدرة، وصلاة الله عليه واصبة دائمة، ثم نزل إلى العظمة فخلق الله من نوره نور علي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام كإيجاد السراج من السراج، فكان نور علي [صلوات الله وسلامه عليه] يطوف بالقدرة، ونور محمد يطوف بالعظمة صلى الله عليهما وآلهما الطاهرين.
أقول: الظاهر أن تلقي فيض الصلاة عليهم بالتساوي في النور الأول والحقيقة المحمدية وذلك بلحاظ وحدتهم وبساطتهم. ولعل من أسرار آية الصلوات أن اكتفت بالصلاة على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالضمير المفرد {صلوا عليه}، مما يدل أنهم نور واحد وحقيقة واحدة وهم بمنزلة نفس واحدة، كما في متواتر الأخبار وفي بعضها: [أولنا محمد، وأوسطنا محمد، وآخرنا محمد، بل كلنا محمد].