فلما سمع السيد الموصلي الحنبلي الذي كان من أعظم علماء الحنابلة، والذي كان من جملة المفحمين بالمناظرة مع العلامة، وحيث لم يستطع الرد على الأدلة المفحمة تطفل هنا وقام له وقال: ما الدليل على جواز توجيه الصلاة على غير الأنبياء؟ فقرأ الشيخ العلامة في جوابه بلا انقطاع الكلام: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
فقال الموصلي من شدة عناده وبطريق المكابرة: وما هي المصيبة التي أصابتهم حتى أنهم يستوجبون بها الصلاة؟ فترك العلامة ذكر المصائب المشهورة التي أصيبت أهل البيت عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام وقال: من أشنع المصائب وأشدها أن حصل من ذراريهم مثلك الذي ترجح المنافقين الجهال، المستوجبين اللعنة، والنكال على آل رسول المتعال، فاستضحك الحاضرون، وتعجبوا من بداهة آية الله في العالمين وكان في المجلس بعض الشعراء فنظم هذين البيتين في ذلك الموصلي:
إذا العلوي تابع ناصبيا * بمذهبه فما هو من أبيه وكان الكلب خيرا منه طبعا * لأن الكلب طبع أبيه فيه وفي هذه المناظرة صنف العلامة كتاب: (كشف الحق ونهج الصدق) [130].
والحاصل أن الدليل على وجوب الصلاة عليهم هي آية الصلوات بالبيان الذي ذكرناه في مطلب النزول وباستعانة الأحاديث المتواترة في ضم الآل مع جدهم، وإجماع المسلمين وسيرتهم على ذلك وإجماع أهل البيت عليهم السلام لا بهذه الآية: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}. نعم استشهد بها العلامة (ره) لأجل إثبات جواز إطلاق الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الصابرين بالصلوات الربانية، ولا يخفى أن آية الصلوات أيضا أمر بالصلاة على أله بيته عليهم الصلاة والسلام، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقامهم مقام نفسه الطاهرة كما في حديث الكساء بقوله: [إنهم مني وأنا منهم].