إذن فمن دون العقل ليس في إمكان الإنسان أن يستفيد من طاقاته التي نزل بها من بطن أمه.. هذا بالإضافة إلى أن العقل يشكل حجة ثانية وكبيرة لله عز وجل على الناس.
كما قال الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: [إن لله حجتين: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة الأنبياء والرسل والأئمة، والحجة الباطنة العقول].
على أن هذه النعمة مرتبطة بالعلم لأن العقل يتغذى بالعلم وهو بغير العلم يذبل ويضعف وينطفئ.. ومن هنا كان الإنسان أول مخلوق ينزل من بطن أمه مزودا بوسائل العلم والمعرفة: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) [النحل: 78]، فالسمع والبصر والفؤاد ما هي إلا أدوات للمعرفة ووسائل لتحصيل العلم واكتساب الفهم والرشد وإذا كانت هذه الأدوات لكسب العلم والمعرفة فإنها تعتمد اعتمادا كليا على نعمة الإيمان لأن الإيمان هو الذي يجعل العلم في خدمة الإنسان ورضا الله عز وجل، وإلا فالعلم بغير إيمان كارثة وفاجعة تنزل على رؤوس العباد.. كما هو معروف في مجالات العلم الطبيعي والفقهي وكل أنواع العلوم الأخرى، فعلماء الطبيعة حولوا العلم إلى أداة دمار شامل كما هو في مجال الذرة والتطور الجرثومي في الأسلحة الفتاكة المدمرة..
وفي مجال الفقه والقانون والتشريع، فإننا نجد علماء القانون شرعوا قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، فكانت ضد البشرية وضد حقوق الإنسان فتحول القانون تحت أيديهم إلى مارد جبار يعيث في الأرض فسادا وجوعا وفقرا وظلما وحرمانا، كما هو الملاحظ والمشاهد في حالات شعوب الأرض اليوم التي تعيش فوق ظهر هذا الكوكب.
إذن: فلابد للعلم من الإيمان، والإيمان لا يكتمل إلا بولاية أهل البيت عليهم السلام، ومن هنا جاءت الصلاة على النبي وآله لتؤكد هذا الفهم العميق للإسلام الذي ارتضاه الله دينا قيما لإنقاذ البشرية وخلاص العباد من الظلم والفساد.. فكلما صلينا على النبي وآله كلما ازدادت نسبة الإيمان في قلوبنا واليقين في أفئدتنا.. وكلما ازددنا صلاة على النبي وآله ازدادت أبواب الرزق والخير والرحمة انفتاحا علينا في الدنيا والآخرة وفق ما تؤكده الروايات والأخبار وآيات الله في القرآن والسنة والآفاق والأنفس..