نقطة ثالثة: وهي أن اللؤلؤ له قيمة أدنى يوم يكون قابعا تحت قاع البحار، وله قيمة أعلى يوم يكون متألقا على جيد فتاة حسناء، وقد أشار الإمام الحسين عليه السلام إلى هذه الحقيقة بقوله: [خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة...].
فالقلادة في ظلمات البحار لا قيمة لها.. ولكنها حين تستخرج من قاع البحر ويقيض لها من يصوغها وينظمها في قلادة على جيد فتاة، فإنها تأخذ قمية أعلى وثمنا أغلى..
وهذا هو الذي أراده الحسين عليه السلام، لأن الموت يقع على كل إنسان ولكن هناك فرق كبير بين من يموت من دون أن تكون له قضية يضحي من أجلها، وبين من يقتل في ساحات الوغى من أجل الحق وتدوسه حوافر الخيل وسنابكها وهو الصريع المنتصر الذي هز عروش الطغاة والبغي، على أن هذه المثال يجري في الأشياء كما يجري في الحقائق على حد سواء. وقد ضرب الإمام الحسين عليه السلام مثلا في ذلك فقال كلمة التي مرت علينا: [خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة...].
وإنما ذكرتها ثانية لتعميق هذا المفهوم في النفوس والأفكار.. حيث جعل الموت من أجل الحق والعدل والحرية، أجمل من القلادة على جيد الفتاة، وهذا يدل على أن الحسين عليه السلام أعطى للحقيقة ثمنا أعلى وجعل للحق قيمة وعنوانا ليس في إمكان يد الظلم أن تمحوه، ولا في مقدورها أن تطمس معالمه أبدا..
ومن هنا كانت الصلاة على النبي وآله تجعل للإيمان والإسلام قيمة أعلى وتعمق الإيمان في القلوب واليقين في الأفئدة، وتزرع الأخلاق في النفوس، وتفجر ينابيع الوعي والرشد في العقول، وتطلق الفصاحة والبلاغة والسداد في الأفواه والأقوال لأن الله يقول:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم...).
فالتقوى وهي تتعمق بحب ولاء أهل البيت، والقول السديد من شأنهما أن يصلحا الأعمال ويفتحا أبواب الخير والرزق للإنسان المؤمن في الحياة ويوم يقوم الأشهاد.
نقطة رابعة: في رحلة الإسراء والمعراج رأى النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " آيات الله في الأرض والسماء، فيوم صلى بالأنبياء في المسجد الأقصى يقول القرآن: (لنريه من آياتنا...)، ولكن حين دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال الله عز وجل: