غازان ولما انتقض سنقر وأقوش الافرم وأصحابهما سنة ثنتي عشرة وسبعمائة لحقوا به وساروا من عنده إلى خربندا واستوحش هو من السلطان وأقام في أحيائه منقبضا عن الوفادة ووفد أخوه فضل سنة ثنتي عشرة فرعى له حق وفادته وولاه على العرب مكان أخيه مهنا وبقي مهنا مشردا ثم لحق سنة ست عشرة بخربندا ملك التتر فأكرمه وأقطعه بالعراق وهلك خربندا في تلك السنة فرجع إلى أحيائه وأوفد ابنيه أحمد وموسى وأخاه محمد بن عيسى مستعتبين للناصر ومتطارحين عليه فأكرم وفادتهم وأنزلهم بالقصر الأبلق وشملهم بالاحسان وأعتب مهنا ورده على امارته وأقطاعه وذلك سنة سبع عشرة وحج هذه السنة ابنه عيسى وأخوه محمد وجماعة من آل فضل اثنا عشر ألف راحلة ثم رجع مهنا إلى ديدنه في ممالاة التتر والاجلاب على الشأم واتصل ذلك منه فنقم السلطان عليه وسخطه قومه أجمع وكتب إلى نواب الشأم سنة عشرين بعد مرجعه من الحج فطرد آل فضل عن البلاد وأدال منهم آل على عديدة نسبهم وولى منهم على أحياء العرب محمد بن أبي بكر وصرف اقطاع مهنا وولده إلى محمد وولده فأقام مهنا على ذلك مدة ثم وفد سنة احدى وثلاثين مع الأفضل بن المؤيد صاحب حماة متوسلا به ومتطارحا على السلطان فاقبل عليه ورد عليه اقطاعه وإمارته وذكر لي بعض أكابر الأمراء بمصر ممن أدرك وفادته أو حدث عنها أنه تجافى في هذه الوفادة عن قبول شئ من السلطان حتى أنه ساق من النياق المحلوبة واستقاها وانه لم يغش باب أحد من أرباب الدولة ولا سألهم شيئا من حاجته ثم رجع إلى أحيائه وتوفى سنة أربع وثلاثين فولى ابنه مظفر الدين موسى وتوفى سنة اثنين وأربعين عقب مهلك الناصر وولى مكانه أخوه سليمان ثم هلك سليمان سنة ثلاث وأربعين فولى مكانه شرف الدين عيسى ابن عمه فضل بن عيسى ثم توفى سنة أربع وأربعين بالقدس ودفن عند قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه وولى مكانه أخوه سيف بن فضل ثم عزله السلطان بمصر الكامل بن الناصر سنة ست وأربعين وولى مكانه مهنا بن عيسى ثم جمع سيف بن مهنا ولقيه فياض بن مهنا فانهزم سيف ثم ولى السلطان حسين بن الناصر في دولته الأولى وهو في كفالة بيقاروس أحمد بن مهنا فسكنت الفتنة بينهم ثم توفى سنة تسع وأربعين فولى مكانه أخوه فياض وهلك سنة ثنتين وستين فولى مكانه أخوه خيار بن مهنا ولاه حسين بن الناصر في دولته الثانية ثم انتقض سنة خمس وستين وأقام سنين بالقفر ضاحيا إلى أن شفع فيه نائب حماة فأعيد إلى امارته ثم انتقض سنة سبعين فولى السلطان الأشرف مكانه ابن عمه زامل بن موسى بن عيسى وجاء إلى نواحي حلب واجتمع إليه بنو كلاب وغيرهم وعاثوا في البلاد وعلى حلب يومئذ قشمر المنصوري فبرز إليهم وانتهى إلى مخيمهم واستاق نعمهم
(٤٣٩)