وسار إلى حلب سنة سبع وثمانين لقتال قسيم الدولة وأمده بركيارق بالأمير كربوقا في العساكر فبرزوا إلى لقائهم والتقوا على ست فراسخ من حلب ونزع بعض عساكر أقسنقر إلى تتش فاختل مصافه وتمت الهزيمة عليه وجئ أسيرا إلى تتش فقتله صبرا ولحق كربوقا وبوزان بحلب وتبعهما فحاصرهما وملكها وأخذهما أسيرين كما مر في أخبار الدولة وكان قسيم الدولة حسن السياسة كثير العدل وكانت بلاده آمنة ولما مات نشأ ولده في ظل الدولة السلجوقية وكان أكبرهم زنكى فنشأ مرموقا بعين التحلة ولما ولى كربوقا الموصل من قبل بركيارق أيام الفتنة بين بركيارق وأخيه محمد كان زنكى في جملته لأنه كان صاحب أبيه وسار كربوقا أيام ولايته لحصار آمد وصاحبها يومئذ بعض أمراء التركمان وأنجده سقمان بن ارتق وكان زنكى بن أقسنقر يومئذ صبيا وهو في جملة رجال كربوقا ومعه جماعة من أصحاب أبيه فجلا في تلك الحرب وانهزم سقمان وظهر كربوقا وفى هذه الحرب أسر ابن ياقوتي ابن ارتق وسجنه كربوقا بقلعة ماردين فكان ذلك سببا لملك بنى ارتق فيها كما مر في أخبار دولتهم ثم تتابعت الولاة على الموصل فوليها جكرمس بعد كربوقا وبعده جاولى سكاوو وبعده مودود بن ايتكين وبعده أقسنقر البرسقي كما تقدم في أخبار السلجوقية وولاه السلطان محمد بن ملك شاه سنة ثمان وخمسين وبعث معه ابنه مسعودا وكتب إلى سائر الأمراء هناك بطاعته ومنهم يومئذ عماد الدين زنكى بن أقسنقر فاختص به ولما ملك السلطان محمود بعد أبيه محمد سنة احدى عشرة كان أخوه مسعود بالموصل كما تقدم أتابكه حيوس بك ونقل البرسقي من الموصل إلى شحنة بغداد وانتقض دبيس ابن صدقة صاحب الحلة على المسترشد والسلطان محمود وجمع البرسقي العساكر وقصد الحلة فكاتب دبيس السلطان مسعود وأتابكه حيوس بك بالموصل وأغراهما بالمسير إلى بغداد فسار لذلك مع السلطان مسعود وزيره فخر الملك أبو علي بن عمار صاحب طرابلس وزنكى بن قسيم الدولة أقسنقر وجماعة من أمراء الجزيرة ووصلوا إلى بغداد وصالحهم البرسقي وسار معهم ودخل مسعود إلى بغداد وجاء منكبرس إلى بغداد ونزع إليه دبيس بن صدقة ووقعت الحرب بينهما على بغداد كما تقدم في أخبار الدولة وأقام منكبرس ببغداد ثم كان له في خدمة السلطان محمود عند حربه مع أخيه مسعود مقامات جليلة وغلب السلطان أخاه مسعودا وأخذه عنده واستنزل أتابكه حيوس بك من الموصل وأعاد إليها البرسقي سنة خمسة عشر فعاد زنكى إلى الاختصاص به كما مر ثم أضاف إليه السلطان محمود شحنة بغداد وولاية واسط مضافة إلى ولاية الموصل سنة ستة عشر فولى عليها عماد الدين زنكى فحسن أثره في ولايتهما ولما كانت الحرب بين دبيس بن صدقة وبين الخليفة المسترشد وبرز المسترشد لقتاله من بغداد وحضر البرسقي من الموصل وعماد الدين زنكى فانهزم دبيس؟؟ عماد الدين في ذلك المقام ثم
(٢٢٢)