الإفرنج بملكهم وافترقوا دولا مثل دولة القوط بالأندلس والجلالقة بعدهم وملك اللمانين بالتفخيم من جزيرة انكلطره بالبحر المحيط الغربي الشمالي وما يحاذيه ويقابله من المعمور ومثل ملوك افرنسة وهو عندهم اسم إفرنجة بعينه؟؟ ينطقون بها سينا وهم ما وراء خليج رومة غربا إلى الثنايا المفضية إلى جزيرة الأندلس في الجبل المحيط بها من شرقيها وتسمى تلك الثنايا البردت وكانت دولة هؤلاء الافرنس منهم من أعظم دولهم واستفحل أمرهم بعد الروم وصدرا من دولة الاسلام العربية فسموا إلى ملك بلاد المشرق من ناحيتها وتغلبوا على جزر البحر الرومي في آخر المائة الخامسة وكان ملكهم لذلك العهد بردويل فبعث رجالا من ملوكهم إلى صقلية وملكها من يد المسلمين سنة ثمانين وأربعمائة ثم سموا إلى ملك ما وراء النهر من إفريقية وبلاد الشأم والاستيلاء على بيت المقدس وطال ترددهم في ذلك ثم استحثهم وحرضهم عليه فيما يقال خلفاء العبيديين بمصر لما استفحل ملك السلجوقية وانتزعوا الشأم من أيديهم وحاصروهم في مصر فيقال ان المستنصر منهم دس إلى الإفرنج بالخروج وتسهيل أمرهم عليه ليحولوا بين السلجوقية وبين مرامهم فتجهز الإفرنج لذلك وجعلوا طريقهم في البر على القسطنطينية ومنعهم ملك الروم من العبور عليه من الخليج حتى شرط عليهم أن يسلموا له أنطاكية لكون المسلمين كانوا أخذوها من مماليكهم فقبلوا شرطه وسهل لهم العبور في خليجه فأجازوا سنة تسعين وأربعمائة في العدد والعدة وانتهوا إلى بلاد قليج أرسلان وجمع للقائهم فهزموه وفر بلاد ابن اليون الأرمني ووصلوا أنطاكية وبها باغيسيان من أمراء السلجوقية فحاصروه بها وخذلوا صاحب حلب ودمشق على صريخه بأن لا يقصدوا غير أنطاكية فأسلموه حتى ضاق به الحصار وغدر به بعض الحامية فملك الإفرنج البلاد وهرب باغيسيان فقتل وحمل إليهم رأسه وكان ملوكهم الحاضرون لذلك خمسة بردويل وصنجيل وكبريرى والقمص واسمند وهو مقدم العساكر فردوا إليه أمر أنطاكية وبلغ الخبر إلى المسلمين فسافروا إليهم شرقا وغربا وسار قوام الدولة كربوقا صاحب الموصل وجمع عساكر الشأم وسار إلى دمشق فخرج إليهم دقاق بن تتش وطغتكين أتابك وجناج الدولة صاحب حمص وأرسلان صاحب سنجر وسكمان ارتق وغيرهم من الأمراء وزحفوا إلى أنطاكية فحاصروها ثلاثة عشر يوما ووهن الإفرنج واشتد عليهم الحصار لما جاءهم على غير استعداد وطلبوا الخروج على الأمان فلم يسعفوا ثم اضطرب أمر عساكر المسلمين وأساء كربوقا السيرة فيهم وأزمعوا من استكثاره عليهم فخرج الإفرنج إليهم واستماتوا فتخاذل المسلمون وانهزموا من
(١٨٣)