منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٨٠
فقط. وأما الوثوق الفعلي بصدوره فلا يمنع عن الوثوق الفعلي بصدور ما يقابله، بل لا يمنع القطع بصدوره عن القطع بصدور ما يقابله، ولذا فرض الراوي الشهرة في الخبرين. مع أن فرض القطع بالصدور أو الوثوق به في الطرفين يمنع عن إعمال مميزات الصدور عن عدمه بموافقة الكتاب ومخالفة العامة).
نعم مقتضى ارتكازية العلة وهي (أن المجمع عليه لا ريب فيه) هو إرادة الشهرة الفتوائية والروائية معا، لان مجرد كثرة نقل الرواية في كتب الحديث مع الاعراض عنها وعدم العمل بها لا يناسب التعليل بعدم الريب فيه، بل فيه مع الاعراض كل الريب والخلل، فلا بد أن يراد بكون الخبر مشهورا شهرته من حيث الفتوى أيضا، فإن المناط في اعتبار الرواية استنادهم إليها في الفتوى وعدم إعراض القدماء عنها، وإلا كان ذلك كاشفا عن خلل في صدورها أو دلالتها أو جهتها.
هذا بعض الكلام في مرجحية الشهرة.
وأما موافقة الكتاب ومخالفة العامة فهما - كما سيظهر إن شاء الله تعالى - مرجحان طوليان، وقد حكم عليه السلام بتقديم حكم الحاكم المستند إلى خبر موافق للكتاب ومخالف للقوم، وحيث إن الترجيح بهما واقع بعد فرض الراوي شهرة كلا الخبرين، فالتعدي منهما إلى مطلق الخبرين المتعارضين حتى الآحاد يتوقف على إلقاء خصوصية المورد.
لكن يسهل الامر من جهة اشتمال النصوص على هذين المرجحين بنحو الانفراد والانضمام، ولتوضيحه نقول: إن الاخبار المشتملة على تقديم الخبر الموافق للكتاب على طائفتين:
الأولى: ما ورد لتمييز الحق عن الباطل، كالاخبار المتقدمة في (ص 142) مما اشتمل على أن المخالف للقرآن زخرف وباطل ونحوهما، فإن المخالفة بقول مطلق يراد بها التباينية، وهذا المعنى لا تعلق له بباب ترجيح أحد المتعارضين على الاخر، بل الخبر لو كان بلا معارض لوجب طرحه إذا كان مخالفا للكتاب.
هذا بناء على الغض عما استظهره المصنف من هذه الأخبار في تخصيص عموم الكتاب بالخبر الواحد، ثم أمر بالفهم فيه من إرادة المخالفة ثبوتا لا إثباتا، حيث قال: (مع قوة احتمال أن يكون المراد أنهم عليهم السلام لا يقولان بغير ما هو قول الله (تبارك وتعالى) واقعا وإن كان على خلافه ظاهرا شرحا لمرامه وبيانا لمراده من كلامه تعالى، فافهم). لما في هذا الحمل من الإحالة على المجهول، مع أن موافقة الكتاب جعلت معيارا لصدق الخبر بعد عرضه على الكتاب، ومخالفته مناطا لكذبه