منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٨٧
العربية وعلم الأصول والرجال فلا يبعد إلحاقه بالأفقه من هذه الجهة، لما فيه من مزيد بصيرة في الفقه. ولو كان الاخر أفضل منه في علم آخر من تلك العلوم، لم يبعد الترجيح بزيادة الأفضلية، ويكون ما فيه الأفضلية أدخل في الفقه كالأصول بالنسبة إلى النحو و الصرف. والتحقيق: أن المرجع في ذلك كله إلى ما يعد صاحبه أفقه عرفا، وضبطه على وجه يستغنى معه من الرجوع إليه متعذر على الظاهر).
أقول: إن كان المستند في وجوب تقليد الأعلم الأدلة اللفظية المشتملة على ألفاظ (الأفقه والأفضل والأعلم) فحيث إنه ليس لهذه الألفاظ حقيقة شرعية كان المنساق منها عرفا هو الأفقهية في جميع المسائل أو أكثرها. وعليه فيخرج عن موضوع أدلة وجوب تقليد الأعلم المجتهدان اللذان يكون أحدهما أعلم من الاخر في العبادات مثلا، والاخر أعلم من صاحبه في المعاملات، إذ ليس واحد منهما أعلم في جميع المسائل أو أكثرها من الاخر حتى ينطبق عليه عنوان الأعلم، وتشمله أدلة وجوب تقليده، فالعامي مخير في تقليد أيهما شاء، وإن كان الأحوط التبعيض في التقليد بأن يقلد كلا منهما فيما هو أعلم فيه من الاخر.
وإن كان المستند في وجوب تقليد الأعلم بناء العقلاء والأصل العقلي - أعني به أصالة التعيينية في الحجية المعذرية - كان مقتضاهما لزوم تقليد المجتهد الذي يكون أعلم من غيره في المسائل الابتلائية ولو مسألة واحدة، فضلا عن أعلميته في باب من أبواب الفقه كالعبادات أو المعاملات، للعلم بحجية فتواه تعيينا أو تخييرا، بخلاف فتوى غيره، فإنها مشكوكة الحجية، فلا يكتفي بها عقلا في مقام الامتثال.
٧ - المراد بالأعلم هو الأجود استنباطا السابع: أن المراد بالأعلم هل هو أقدر من غيره على تنقيح القواعد التي يستنبط منها الاحكام الفرعية كالقواعد الأصولية، فإذا كان أحد المجتهدين أكثر اقتدارا من غيره على تشييد القواعد الأصولية فهو أعلم ممن لا يكون مثله في الاقتدار المزبور؟ أم المراد بالأعلم من يحصل له الجزم بالحكم بأن يستنبط الحكم من الأدلة بنحو الجزم واليقين، بخلاف غيره ممن يستنبطه من تلك الأدلة بنحو الظن، فكيفية الاستنباط لا تختلف، والاختلاف إنما