منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٧٦
سقوطهما في المؤدى وفي إحدى الدلالتين الالتزاميتين، وتبقى الدلالة الالتزامية الأخرى في كليهما سليمة عن المعارض، فتصلح لنفي الثالث، مثلا إذا دل أحدهما على الوجوب والاخر على الاستحباب، فالدال على الوجوب يدل عليه بالمطابقة وعلى نفي الاستحباب تارة وعلى نفي الكراهة أخرى، وكاد الدال على الاستحباب يثبت الاستحباب بالمطابقة، وينفي الوجوب أولا والكراهة ثانيا، و التعارض بين المدلولين المطابقيين بالتضاد، وبين مؤدى أحدهما والمدلول الالتزامي الأول بالتناقض من جهة أنه ينفي ما يثبته الاخر، وأما الدلالة الالتزامية الثانية فلا يتعارض الخبران فيها لا بالتضاد ولا بالتناقض، لدلالة كليهما على عدم جعل الكراهة ومنها: نفيه بكليهما بتقريب آخر أفاده المحقق النائيني (قده)، توضيحه: أن الدليلين إن كانا متعارضين في المؤدى بأنفسهما فهما يشتركان في نفي الثالث الخارج عن المؤديين، كدلالة أحدهما على وجوب الدعاء عند رؤية الهلال والاخر على حرمته عندها، وذلك لان اللازم وإن كان تابعا للملزوم ثبوتا وإثباتا، إلا أنه ليس تابعا له في الحجية، لان الاخبار عن الملزوم ينحل إلى إخبارين أحدهما إخبار عن الملزوم، و الثاني إخبار عن اللازم، ودليل الحجية شامل لكليهما، وبعد سقوط الاخبار عن الملزوم عن الحجية بالمعارضة لا وجه لرفع اليد عن الاخبار عن اللازم، لتوافقهما على نفي الثالث.
وإن كانا متعارضين لأمر خارج فلا يشتركان في نفي الثالث، ويجوز الرجوع إلى الأصل الجاري في المسألة من البراءة أو الاحتياط، كما إذا دل أحدهما على وجوبصلاة الظهر يوم الجمعة والاخر على وجوبصلاة الجمعة، وثبت عدم وجوب صلاتين في يوم واحد قبل صلاةالعصر، فإن التعارض بينهما ليس في نفس المدلولين، بل لقيام دليل من الخارج، فهما لا يشتركان في نفي الثالث.
ومنها: نفيه بذات الخبرين لا بما هما حجتان، لفرض سقوطهما عن الحجية، ولكنهما بما لهما من الدلالة والكشف عن الواقع ينفيان الثالث.
هذا ما استدل به على نفي الثالث بالمتعارضين.
أما نفيه بأحدهما فقد تقدم توقفه على إمكان جعل الحجية للمبهم و المردد، ومع امتناعه لا معنى لنفي الثالث به.
وأما نفيه بكليهما سواء قلنا بتعدد الدلالة الالتزامية أم بوحدتها، فقد ناقش فيه سيدنا الفقيه الأصفهاني (قده) فيه تارة: بانتفاء الدلالة الالتزامية رأسا، فلا إخبار بالنسبة إلى اللازم حتى يشمله دليل الاعتبار، فإذا أخبر زرارة بأن الإمام عليه السلام قال بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال، فأدلة