منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١١١
المحقق الأصفهاني (قده) ولا سبيل للتعدي إلى مطلق الاخبار المتعارضة.
الرواية الرابعة: مكاتبة محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى صاحب الزمان (أرواحنا فداه).
والكلام في سندها تارة وفي الدلالة أخرى.
أما السند فهي وإن كانت مرسلة في الاحتجاج، لكن رواها الشيخ في كتاب الغيبة أيضا كما تقدم في التوضيح. وطريق الشيخ إلى الحميري صحيح، قال في الفهرست: (له مصنفات وروايات أخبرنا بها جماعة عن أبي جعفر ابن بابويه، عن أحمد بن هارون الفامي و جعفر بن الحسين عنه). وأما الحميري فقال النجاشي في شأنه: (كان ثقة وجها، كاتب صاحب الامر عليه السلام وسأله مسائل في أبواب الشريعة).
وأما الدلالة فظاهرها التوسعة والترخيص في العمل بكل من المتعارضين سواء في مورد السؤال وهو الاحكام الترخيصية أم في غيرها. أما التخيير في المستحبات فلظهور أحد الخبرين في استحباب التكبير في الانتقال من كل حالة إلى أخرى، لقوله عليه السلام (فعليه التكبير). بعد وضوح أمرين:
أحدهما: أن كلمة (عليه) وإن كانت ظاهرة في التكليف الإلزامي الذي فيه الثقل والمشقة، إلا أنها وردت بالنسبة إلى بعض المستحبات أيضا باعتبار استقرارها في الذمة.
وثانيهما: كون ما عدا تكبيرة الافتتاح من التكبيرات مستحبا في الصلاة بالضرورة، خصوصا مع جلالة الراوي وكون السؤال من الناحية المقدسة. وظهور الخبر الاخر في نفي الاستحباب، لقوله عليه السلام: (ليس عليه).
ووجه المعارضة حينئذ واضح، للتنافي بين ما يدل على استحباب التكبير وما يدل على عدم استحبابه. وقد أجابه عليه السلام بالتخيير أي بالاتيان بالتكبيرات بقصد الاستحباب، وتركها، وهذا هو التخيير المدعى بين المتعارضين.
ومورد الرواية وإن كان حكما ترخيصيا، إلا أن مفاد جوابه عليه السلام اطراد الحكم بالتخيير في جميع موارد التعارض، لقوله عليه السلام: (من باب التسليم) فإنه تنبيه على علة الحكم، ولازمه التعدي إلى جميع موارد تعارض الخبرين. وعليه فلا وجه لمقايسة هذه الرواية برواية ابن مهزيار في الاقتصار على الاحكام الترخيصية كما أفاده المحقق الأصفهاني (قده). وذلك لما عرفت من الفرق بين جوابه عليه السلام في الروايتين، فإن قوله: (من باب التسليم) بيان لعلة الحكم بالتخيير، والمدار على عموم العلة لا خصوص المورد، ولم يرد هذا التعبير في رواية علي بن مهزيار.