منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٢١
وأما الوجه الثاني: فالظاهر عدم تأثيره في انقلاب النسبة بين مطلقات التخيير والتوقف، إذ الغرض المهم للميرزا (قده) إثبات عدم العمل بأخبار التخيير في زمن الحضور، وهذا لا يختلف الحال فيه بين سقوط أخبار التخيير في حال الحضور بمعارضتها بمقيدات أخبار الوقوف، ثم دعوى إعراض الأصحاب عن العمل بأخبار التخيير في عصر الحضور، وبين إسقاط مقيدات أخبار التخيير بالاعراض، ثم تخصيص أخبار التخيير المطلقة بأخبار التوقف في زمان الحضور كي يتجه انقلاب النسبة بين مطلقات التخيير بعد التخصيص وبين مطلقات الوقوف.
وكيف كان فلا يخلو الجمع الذي أفاده المحقق النائيني (قده) من تأمل.
أما أولا: فلان خبر الحارث بن المغيرة الذي جعله الميرزا (قده) دالا على التخيير في زمان التمكن من الوصول إليهم عليهم السلام يكون أدل على جعل التخيير مطلقا، كما استظهره المحقق العراقي من دلالته على جعل التخيير في زمان التمكن، فإن التحديد في قوله عليه السلام: (حتى ترى القائم) كناية عن مرور الأزمنة السابقة على زمان التمكن من الوصول إلى الحجة عليه السلام، وهذا المضمون لو لم يختص بزمان الغيبة فلا أقل من شموله له، لوضوح الفرق بين تحديد الحكم بمثل قوله عليه السلام: (حتى ترى إمامك) وبين تحديده برؤيته عليه السلام، لظهور الأول في اختصاص الحكم بزمان الحضور والتمكن من لقاء الإمام عليه السلام، وهذا بخلاف التحديد برؤية الحجة عليه السلام، الظاهر في جعل الوظيفة في حال الغيبة، و لا أقل من إطلاقه لزماني الحضور والغيبة، إذ لا خصوصية لزمان الحضور، وإنما المدار على التمكن من الوصول إلى الإمام عليه السلام وعدم التمكن منه.
وأما ما دل على التوقف مطلقا فإما أن يراد به الاطلاقات الامرة بالوقوف عند كل شبهة سواء أكان منشؤها تعارض الروايات أم غيرها، وإما مكاتبة محمد بن علي بن عيسى. فإن أريد بها الاطلاقات فالجواب: أنها كما تقدم في بحث البراءة قاصرة عن إفادة الحكم المولوي، لكونها إرشادا إلى موارد تنجيز التكليف بالعلم الاجمالي أو بالاحتمال، ومن المعلوم أنها لا تصلح للمعارضة مع ما دل على التخيير.
ولو سلم دلالتها على الحكم المولوي كانت مخصصة بأخبار التخيير أو محكومة بها. أما التخصيص فلانه جمع عرفي بين ما دل على لزوم التوقف عند كل شبهة مهما كان منشؤها، وبين ما دل على التخيير في الشبهة الناشئة من تعارض الخبرين.
وأما الحكومة فلان التوقف منوط بتحقق موضوعه أعني الشبهة (و عدم وجود الدليل، الزائل