منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٢٣
بزعم أن التقليد الاستمراري غير مندرج تحت إطلاق كلمات المانعين، لاختصاصها بالتقليد الابتدائي.
لكنه ليس كذلك، لوضوح صدق تقليد الميت على الاستمراري كصدقه على الابتدائي بوزان واحد، فإن كان هذا وجه الاختصاص فلا وجه له، وإن كان غيره، فلا بد من بيانه حتى ينظر فيه.
وكيف كان فالمشهور بينهم شهرة دعت جماعة من أجلا الأصحاب - كما في التقريرات - إلى نفي الخلاف، أو دعوى الاجماع عليه هو الاشتراط، فعن شرح الألفية للمحقق الثاني: (لا يجوز الاخذ عن الميت مع وجود المجتهد الحي بلا خلاف بين علماء الإمامية). وإن شئت الوقوف على كلمات الأصحاب في هذا الباب فراجع تقريرات شيخنا الأعظم (قده).
لكن دعوى عدم ثبوت كون هذا الاجماع من الاجماعات التعبدية الكاشفة - لاحتمال مدركيته - غير بعيدة.
وعليه فلا بد في تحقيق المقام من التكلم فيما تقتضيه الأدلة من اشتراط الحياة وعدمه، فنقول وبه نستعين: أنه ينبغي البحث في مقامات ثلاثة: الأول في الأدلة اللفظية، والثاني في الدليل العقلي والثالث في الأصل العملي.
أما المقام الأول، فملخص الكلام فيه: أنه يحتمل في الأدلة اللفظية من الكتاب والسنة وجوه:
الأول: دلالتها على اعتبار الحياة مطلقا، من غير فرق فيه بين التقليد البدوي والاستمراري.
الثاني: دلالتها على عدم اعتبارها كذلك.
الثالث: دلالتها على اعتبارها في الجملة أي إهمالها بالنسبة إلى كيفية شرطية الحياة.
فعلى الأول: لا إشكال في عدم جواز تقليد المجتهد الميت مطلقا، لا ابتدأ ولا استدامة، فإذا قلد مجتهدا مدة ثم مات ذلك المجتهد بطل تقليده، ووجب عليه العدول إلى الحي، إذ المفروض انتفاء الحياة التي هي شرط جواز التقليد.
وعلى الثاني: يجوز له تقليد الميت مطلقا أي ابتدأ واستدامة كما عن العامة. وأصحابنا المحدثين إن أرادوا التقليد عند الأصوليين، فيجوز للعامي في هذا العصر أن يقلد الشيخ الطوسي (قده) مثلا ابتدأ كما يجوز له البقاء على تقليد من مات من المجتهدين، فإن نفس الدليل الدال على عدم اعتبار الحياة في جواز تقليد المجتهد يدل على جواز البقاء على تقليد المجتهد الذي مات بعد