منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٢٩٤
الناشئة خصوصيته من طروء حد اعتباري على بعض مدلول العام لأجل قصر الحجية عليه، فإن الصالح للتخصيص بمناط الأظهرية أو تقديم أقوى المقتضيين المتزاحمين هو الأول دون الثاني.
وبعبارة أخرى: القرينة المنفصلة غير كاسرة لظهور العام في العموم، بل هي حجة على قصر كاشفيته المعتبرة على ما عدا مدلول الخاص، لكن هذا المقدار لا يقتضي التصرف في المتعارضين ما لم يكن من شؤون دلالة اللفظ. ولذا كان التعارض بين مثل (ثمن العذرة سحت، ولا بأس ببيع العذرة) مستقرا، مع أن القدر المتيقن من الأول عذرة ما لا يؤكل لحمه، ومن الثاني عذرة ما يؤكل لحمه. إلا أن هذا التيقن لا يجعل كل واحد من الدليلين نصا فيه وظاهرا فيما عداه كي يجمع بينهما بالأخذ بنص كل منهما والتصرف به في ظاهريهما.
نعم لو كان القدر المتيقن في مقام التخاطب كان مانعا عن انعقاد الظهور الاطلاقي للكلام على ما تقرر في محله. وأما القدر المتيقن الخارجي فلا يوجب الانصراف ولا تقييد المطلق.
هذا ما أفاده شيخنا المحقق العراقي بتوضيح منا. وهو كاف لمنع مبنى انقلاب النسبة. وتقديم الخاص على العام بالأظهرية أو بالقرينية وإن كان مبنائيا، إلا أن الظاهر عدم خلو دعوى القرينية عن الغموض، ومعه فاللازم ملاحظة ظهور الأدلة المتعارضة وتقديم الأقوى دلالة على غيره.
ثم إنه ينبغي تتميم البحث في مسألة انقلاب النسبة بالإشارة إلى ما فرعوه عليه من بيان النسبة بين أدلة ضمان العارية من جهة اختلافها في كون المضمون مطلق المتخذ من الذهب والفضة - سواء أكان مسكوكا أم مصوغا أم سبيكة - أو هو خصوص المسكوك منهما، و منشأ الاختلاف كيفية الجمع الدلالي بين النصوص كما سيظهر إن شاء الله تعالى.
وكيف كان فالمشهور - بل المدعى عليه الاجماع - ضمان عارية الجنسين مطلقا، خلافا لجمع آخرين منهم فخر المحققين والفاضل السبزواري. والعلامة الطباطبائي صاحب الرياض، حيث خصصوا الضمان بعارية الدرهم والدينار.
قال في الجواهر - بعد قول المحقق بضمان عارية الذهب والفضة وإن لم يشترطه المعير - ما لفظه: (بلا خلاف أجده فيه في الدراهم و الدنانير منهما، بل الاجماع بقسميه عليه، والنصوص. إنما