منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٦٨
مبانيهم فيه - يكشف بنحو الان عن ظفرهم بقرينة على صدورها من المعصوم عليه السلام، وهو موجب للاطمئنان الشخصي بالصدور، والمختار في حجية الخبر الواحد هو الوثوق به الأعم من الخبري و المخبري.
وهذا الوجه وإن كان قاصرا عن إثبات وثاقة عمر بن حنظلة، ولأجله لا يعامل مع سائر رواياته معاملة المقبولة، إلا أن المقصود حجية روايته في المقام من جهة العمل بمضمونها، وسيأتي عن المحقق الآشتياني (قده) استناد الفقهاء إليها في مسائل أربعة.
هذا ما يتعلق بالجهة الأولى وهي سند المقبولة.
وأما الجهة الثانية - وهي فقه المقبولة - فنقول في تقريبه: إنها تشتمل على فقرات:
الفقرة الأولى: قول عمر بن حنظلة: (منازعة في دين أو ميراث) ظاهر المنازعة هو الترافع والخصومة لا السؤال عن الفتوى. ثم إن النزاع في الدين والميراث يتصور تارة بنحو الشبهة الحكمية، كما إذا اختلفا في الضمان بأحد موجباته كالمقبوض بالعقد الفاسد، فإن كان موجبا للضمان كان المشتري ضامنا لما قبضه ومديونا للمالك ببدله. وإن لم يكن موجبا للضمان لم يكن المشتري ضامنا.
والنزاع في الدين بنحو الشبهة الموضوعية كالاختلاف في أداء دين ثابت، وعدمه.
والنزاع في الميراث بنحو الشبهة الحكمية كما إذا اختلف الوراث في مقدار الحبوة، وكما إذا اختلفوا في خروج منجزات المريض من الأصل أو الثلث، ومنشأ هذا الاختلاف هو اختلاف الروايات.
والنزاع في الإرث بنحو الشبهة الموضوعية، كما إذا ادعى بعض الورثة - الذي كان ممنوعا من الإرث بالكفر - إسلامه قبل القسمة، و أنكره سائر الورثة.
وعليه فالنزاع في الدين والميراث وإن كان قابلا لكل من الشبهة الحكمية والموضوعية، إلا أن ظاهر قول عمر بن حنظلة: (وكلاهما اختلفا في حديثكم) كون النزاع في الدين والميراث بنحو الشبهة الحكمية، وأن منشأه اختلاف الأحاديث، إذ لو كانت الشبهة موضوعية تعين الاستناد فيها إلى الامارة المعتبرة فيها كالبينة لا إلى الأحاديث.
الفقرة الثانية: قوله: (فتحا كما إلى السلطان) ظاهر هذه الكلمة أن تحاكم المتنازعين - اللذين هما من الامامية، بقرينة قوله: من أصحابنا - إلى سلطان الجور كان في زمان عدم بسط يد الامام المعصوم عليه السلام، فتخيل المتنازعان جواز الرجوع إلى السلطان وقضاة المخالفين، فردع الإمام عليه السلام عن الرجوع إليهم، لان التحاكم إليهم تحاكم إلى الطاغوت، وأن المأخوذ بحكمه سحت