منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٧٤
فالمتحصل: أنه لا وجه للتعدي. الأعلمية المرجحة لاحد الحاكمين إلى الأعلمية المرجحة لاحد المجتهدين في مقام الفتوى.
ومما ذكرنا يظهر غموض ما في تقريرات شيخنا الأعظم (قده) من أنه يتم المطلوب - وهو مرجحية الأعلمية في باب الفتوى كباب القضاء - بالاجماع المركب، حيث إنه لا قائل بالفصل بين وجوب قضاء الأعلم وتقليده.
وجه الغموض ما مر آنفا: من كون الأعلمية في باب القضاء مضافة، وفي باب الفتوى مطلقة والمجدي هو القول بعدم الفصل لا عدم القول بالفصل.
ومنها: ما عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه) في عهده لمالك الأشتر: (اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك).
ومنها: ما رواه الصدوق عن داود بن الحصين عن الصادق عليه السلام: (في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما خلاف، واختلف العدلان بينهما، عن قول أيهما يمضي الحكم؟ قال عليه السلام: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا).
وتقريب الاستدلال بمثل هذه الروايات واضح، لدلالتها على تقديم قول الأفقه والأعلم على غيره، مع التصريح في رواية داود بتقديم قوله عند العلم بالمعارضة والاختلاف.
وفيه: ما عرفت من مغايرة الأعلمية في باب القضاء للأعلمية في باب الفتوى، فالتعدي من الأول إلى الثاني في غير محله، وليس المراد بقوله عليه السلام: (أفضل رعيتك) الأعلمية، بل معنى آخر تقدم بيانه في التوضيح (ص ٥٥٤) فلاحظ.
ومنها: ما عن البحار نقلا عن كتاب الاختصاص، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو ليباهي به العلماء أو يصرف به الناس إلى نفسه، يقول: أنا رئيسكم، فليتبوأ مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها، فمن دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة).
ومنها: ما عن البحار أيضا عن مولانا الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام): (انه قال مخاطبا عمه:
يا عم انه عظيم عند الله أن تقف غدا بين يديه، فيقول لك: لم تفتي عبادي بما لم تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك؟).