منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٨٤
إلى مؤلفها الجليل على حد سائر الأصول المنسوبة إلى مؤلفيها، بل ليست كسائر مصنفات القطب الراوندي في تواتر النسبة أو اشتهارها كالخرائج وفقه القرآن. لكن الظاهر كفاية وجود سند معتبر متصل بين أرباب الجوامع الثلاثة المتأخرة - وهي الوسائل و البحار والوافي - وبين مؤلف هذه الرسالة، ولا يعتبر شيوع النسبة حتى يكون عدمه قادحا في الاستناد إليها.
وقد شهد المحدث الحر العاملي بأن الكتب التي روى عنها في الوسائل إما متواترة عن مؤلفيها، وإما قامت القرائن على صحتها، قال في الفائدة الرابعة من الخاتمة: (في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب، وشهد بصحتها مؤلفوها وغيرهم، وقامت القرائن على ثبوتها، وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شك ولا ريب. ثم عد كثيرا من المصادر. إلى أن قال: وغير ذلك من الكتب التي صرحنا بأسمائها عند النقل منها) ثم قال في الفائدة الخامسة: (في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة عن مؤلفيها، وإنما ذكرنا ذلك تيمنا وتبركا باتصال السلسلة بأصحاب العصمة عليهم السلام، لا لتوقف العمل عليه، لتواتر تلك الكتب، وقيام القرائن على صحتها وثبوتها.).
وظاهر هذه الكلمات يوجب الوثوق بوجود طريق معتبر للشيخ الحر (ره) إلى كل كتاب نقل منه في الوسائل خصوصا مع دعوى قيام القرائن على صحتها وثبوتها.
لكن في النفس دغدغة من ذلك بالنسبة إلى رسالة القطب الراوندي، لعدم كونها من الكتب المتواترة عن مؤلفيها قطعا، والقرينة التي ادعاها صاحب الوسائل مجهولة الكنه عندنا، إذ ربما لا تكشف بنظرنا - لو ظفرنا بها - عن حجة شرعية خصوصا مع خلو إجازة العلامة لبني زهرة وكلمات جمع آخرين من عنوان هذه الرسالة ونسبتها إلى الشيخ الجليل القطب الراوندي كما نسبوا كتاب الخرائج وقصص الأنبياء إليه، وإن كان عدم التصريح بهذه الرسالة غير كاشف عن عدم تأليفها، لعدم كون العلامة ولا ابن شهرآشوب بصدد استقصاء جميع مؤلفات القطب.
والنتيجة: أن المدار في حجية الخبر هو الوثوق الشخصي، والظاهر حصوله من اعتماد الأجلة كالمجلسيين والمحدث الحر العاملي على (رسالة الفقهاء) المنسوبة إلى القطب الراوندي، وبهذه الملاحظة عبرنا عن رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله بالمصحح لا بالصحيح كما هو المتداول على الألسن.
وبذلك ظهر عدم تمامية توقف المحقق في الترجيح بمخالفة العامة، مع أنه لو فرض انحصار المدرك بمقبولة، عمر بن حنظلة، أمكن إثبات مسألة علمية بخبر الواحد الجامع لشرائط الحجية.