منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٢٤
أن قلده العامي مدة من دون حاجة إلى التماس دليل آخر من أصل أو غيره. وإن أرادوا نقل الروايات فليسوا مخالفين للمجتهدين، ضرورة أن نقل الرواية عن الراوي ليس مشروطا بحياة الراوي عند المجتهدين أيضا.
وعلى الثالث: - وهو دلالة الأدلة على شرطية الحياة في الجملة - يشك في حجية فتوى المجتهد بعد وفاته، إذ المتيقن خروجه عن دليل حرمة العمل بغير العلم هو فتوى الحي، وأما فتوى الميت - ولو استدامة - فهي مشكوكة الحجية، ومقتضى الأصل عدم حجيتها.
لا يقال: إن مقتضى استصحاب حجيتها الثابتة حال حياة المجتهد هو حجيتها بعد مماته.
فإنه يقال: إن الشك في حجية الفتوى بعد وفات المجتهد لما كان مسببا عن الشك في كيفية شرطية الحياة من كونها شرطا لخصوص التقليد الابتدائي أو الأعم منه ومن التقليد الاستمراري جرى استصحاب شرطيتها، ومعه لا مجال لاستصحاب حجية الفتوى، لعدم شك فيها، إذ مقتضى حكومة الأصل السببي على المسببي عدم حجيتها.
ومن هنا ظهر: أنه بناء على هذا الاحتمال الثالث - الذي يجري فيه استصحاب شرطية الحياة الذي هو متمم دلالة دليل شرطيتها - لا يجري استصحاب حجية الرأي، أو نفس الحكم كوجوب تثليث التسبيحات الأربع وغيره، لأن الشك فيها مسببي، إذ لا منشأ له إلا الشك في شرطية الحياة، وبعد ثبوت شرطيتها لجواز التقليد مطلقا سواء أكان ابتدائيا أم استمراريا بسبب جريان الاستصحاب في الشرطية لا يبقى شك في الحجية، لاحراز عدم الحجية بالأصل.
هذا كله مع الغض عن مرجعية العام مع إجمال المخصص مفهوما، وإلا فلا تصل النوبة إلى استصحاب الشرطية، لدلالة نفس عموم النهي عن العمل بغير العلم على عدم حجية قول الميت.
هذا ما يقتضيه مقام الثبوت.
دلالة الأدلة اللفظية على اعتبار الحياة مطلقا وأما مقام الاثبات فلا ينبغي الارتياب في ظهور أدلة التقليد كرواية الاحتجاج - بناء على اعتبارها - في اعتبار الحياة في جواز التقليد، فإن ظهور (وأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه.) في الفقيه المتصف فعلا حين التقليد، بهذه الصفات مما لا ينكر، وليس ذلك إلا الحي، فإن صيانة النفس وغيرها من الصفات ظاهرة في اعتبار الحياة في المتصف بها حين التقليد، لان الميت الذي هو جماد لا يعقل أن يتصف بها.