منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٢٣
لانقلاب النسبة بينهما من العموم من وجه - أو التباين - إلى العموم المطلق حتى يكون نتيجة التقييد القول بالوقوف في عصر الحضور و بالتخيير في عصر الغيبة. مع أن مبنى الانقلاب لم يلتزم به الكل - كما سيأتي - حتى يتم به توجيه فتوى المشهور.
فالتحقيق أن يقال: بتقديم أخبار التخيير بعد تمامية دلالتها على التخيير مطلقا في عصر الحضور والغيبة، ولا يعارضها شئ من أخبار الوقوف إلا المقبولة، وهي - كما تقدم - بقرينة مورد السؤال تكون كالنص في وجوب التوقف في موردها أعني تعارض الخبرين المتكافئين في المرجحات إذا كانت المسألة في باب الحكومة و القضاء.
وفي دلالتها على التوقف في عصر الغيبة أيضا حتى تعارض مطلقات التخيير تأمل وإن ذهب المحقق الرشتي (قده) إلى التعميم بقوله:
(أولا: بأن التحديد بلقاء الإمام عليه السلام أعم من صورة تمكن الوصول إليه وعدمها، لان كلمة - حتى - كما تدخل على الغاية الممكنة كذلك تدخل على الغاية الممتنعة كما في قوله تعالى: - حتى يلج الجمل في سم الخياط - فهذه الأخبار المحدودة بلقاء الإمام عليه السلام أيضا مطلقة من حيث إمكان الوصول وعدمه، كما أن أخبار التخيير أيضا مطلقة من هذه الجهة، فيكونان متباينين، فيحتاج الجمع بينهما بحمل كل منهما على صورة معينة على شاهد. وثانيا:
ان العبرة في مثل المقام بأعم العناوين لا بأخصها.).
وكلا الوجهين لا يخلو من غموض، أما الأول فلان قياس (حتى تلقى إمامك) على الآية الشريفة غير ظاهر، فإن مدخول (حتى) فيها وإن كان ممتنعا، لكن ملاقاة الإمام عليه السلام ممكنة، خصوصا بقرينة مورد السؤال، إذ لا معنى لايقاف الدعوى والمرافعة مدة مديدة ولو عشرات السنين حتى يتفق له الوصول إلى الإمام عليه السلام، فإن هذا الارجاء المديد غير مطلوب في باب القضاء، كما أن التخيير في تعيين الحاكم غير مجعول.
إلا أن يكون مورد المقبولة من باب التداعي كما رجحه المصنف في حاشية الرسائل كما سيأتي.
وعليه فنفس مورد سؤال عمر بن حنظلة قرينة على كون الامر بالتوقف مخصوصا بزمان الحضور.
نعم لو كان الغاية كالتحديد في خبر الحارث من قوله عليه السلام (حتى ترى القائم) كانت كالنص في الامر بالتوقف في عصر الغيبة بناء على اختصاص إطلاق هذا اللقب الشريف به عجل الله تعالى فرجه الشريف.
وأما الثاني: فقد عرفت حال الأدلة العامة على وجوب التوقف، فلا نعيد.