منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٠٩
ألفاظ الرواية في إفادة التخيير في عصر الغيبة كما جعله المحقق الآشتياني أقوى الاحتمالين وأما الثاني - وهو أجنبية الرواية عن باب التعارض ودلالتها على حجية خبر الثقة - فلان حجية خبر الثقة غير محدودة بعصر الغيبة حتى تكون هذه الرواية دليلا عليها، إذ الاخبار المستدل بها على اعتبار الخبر الواحد لا تزيد عن إمضاء السيرة العقلائية، ومن المعلوم عدم تفاوت حضورهم (عليهم السلام) و غيبته عليه السلام في بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة، بل مفاد الاخبار الارجاعية حجية أخبار الثقات المعاصرين لهم عليهم السلام كالارجاع إلى زكريا بن آدم ويونس بن عبد الرحمن وزرارة وأضرابهم، فهل يدل قوله عليه السلام: (أما ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فلا يجوز لك أن ترده) على اختصاص حجية اخبار زرارة بعدم التمكن من لقاء الإمام الصادق عليه السلام؟ والحاصل:
أن حجية خبر الثقة - بمعنى منجزية الواقع والاعتذار عنه - لم تقيد في الروايات الارجاعية بعصر الغيبة، بل تشهد بخلافه كما عرفت.
هذا مضافا إلى: أجنبية مفاد هذه الرواية عن حجية خبر الثقة، وإنما يدل عليها مثل قوله (عليه السلام) في التوقيع الشريف: (لا عذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا) الظاهر في حجية اخبار الثقات بنحو العموم، وقطع العذر الجهلي به، وانتفاء التوسعة بإجراء الأصل النافي للتكليف، وأن إخبار الثقة بمنزلة السماع من المعصوم عليه السلام، ومن المعلوم أن اخباره قد يتضمن السعة كما إذا أخبر باستحباب فعل أو إباحته، وقد يتضمن الضيق والكلفة كما إذا أخبر بالالزام. وهذا بخلاف خبر الحارث بن المغيرة المتضمن للتوسعة بعد سماع الحديث من الأصحاب.
وظاهره اختلاف الثقات في الحديث عنهم عليهم السلام لقوله: (و كلهم ثقة) وليس المراد به اخبار الثقات برواية واحدة، فإن مثله يوجب العلم العادي بالحديث، ولا يناسب جعل التوسعة المطلقة حينئذ.
والحاصل: أن دلالة هذه الرواية على مختار المصنف (قده) تامة، لما عرفت من أن التوسعة المجعولة أجنبية عن إمضاء سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة. والاشكال إنما هو في ضعف السند بالارسال.
الرواية الثالثة: معتبرة علي بن مهزيار في صلاة النافلة في المحمل.
رواها الشيخ في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار. والظاهر أن أحمد هو ابن محمد بن يحيى العطار القمي كما ذكره الشيخ في سنده رواية مفصلة في كتاب الديات. ورجال هذا