منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٣٣٥
والمضموني، فيقدم الخبر المشهور على الخبر المخالف للعامة أو الموافق للكتاب مستدلا عليه بما حاصله: أن استنباط الحكم الشرعي من الخبر الواحد يتوقف على أمور أربعة مترتبة:
الأول: كون الخبر صادرا عن الإمام عليه السلام.
الثاني: كونه ظاهرا في المعنى.
الثالث: كونه صادرا لبيان الحكم الواقعي، لا لجهة أخرى من تقية و نحوها.
الرابع: كون مضمونه تمام المراد لا جزه.
والمتكفل لاثبات الامر الأول أدلة حجية الخبر، وللثاني العرف و اللغة، وللثالث بناء العقلاء على حمل الكلام على كونه صادرا بداعي إفادة المراد النفس الأمري، وللرابع الأصول اللفظية العقلائية كأصالة عدم التخصيص وقرينة المجاز ونحوهما.
ولا يخفى أن التعبد بجهة الصدور فرع التعبد بالصدور والظهور، كما أن التعبد بكون المضمون تمام المراد فرع التعبد بجهة الصدور، بداهة أنه لا بد من فرض صدور الخبر لبيان حكم الله الواقعي حتى يتعبد بكون مضمونه تمام المراد لا جزه. ولا وجه لارجاع جميع المرجحات إلى الصدور، فإن المرجح الجهتي والمضموني يرجعان إلى تخصيص الأصول العقلائية المقتضية لكون الكلام صادرا لبيان المراد وكونه تمام المراد. والمرجح السندي كالشهرة يرجع إلى تخصيص أدلة حجية خبر الواحد المقتضية لصدور الخبر، فإرجاع جميع المرجحات إلى الصدور بمعنى كونها مخصصة لأدلة حجية الخبر الواحد مما لا سبيل إليه، لاستلزامه جعل مخصص دليل مخصصا لدليل آخر، وهو كما ترى.
وما أفاده صاحب الكفاية من - أنه لا معنى للتعبد بصدور الخبر الذي لا بد من حمله على التقية، بل لا بد من الحكم بعدم صدور الخبر الموافق للعامة - فيه: أن الحمل على التقية على قسمين، فتارة يكون في الخبر الموافق لهم قرائن الصدور تقية وإن لم يكن له معارض، و أخرى لا يكون فيه ذلك، بحيث لو لم يكن له معارض كان حجة و مشمولا لأدلة الاعتبار كما هو مفروض البحث في تعارض الخبرين، و لم يكن مجرد موافقته للعامة موهنا له. وما يكون مرجحا لاحد الخبرين هو هذا القسم الثاني، ومن المعلوم أن مجرد الموافقة لهم لا يوجب عدم صدور الخبر الموافق لهم، فيقع التعارض بين الموافق للعامة وبين المخالف لهم، ومن البديهي أن التعارض فرع شمول دليل الاعتبار، هذا.