____________________
ثانيتهما: إناطة منصب القضاء في المقبولة بمعرفة الاحكام فعلا.
(1) هذا شروع في إثبات نفوذ حكم المجتهد الانسدادي على الحكومة بأحد وجهين:
الأول: الاجماع المركب، بمعنى أن الفقهاء بين من يقول بنفوذ حكم المجتهد مطلقا سواء أكان انفتاحيا أم انسداديا، وبين من ينكر نفوذ حكمه أيضا مطلقا بلا تفصيل بين الانفتاحي والانسدادي. وعليه فالمجتهد الانسدادي على الحكومة وإن لم يكن عارفا بالأحكام حتى يشمله قوله عليه السلام: (وعرف أحكامنا) إلا أن حكمه في المرافعات نافذ ببركة عدم القول بالفصل، إذ إنكار نفوذ حكمه مخالفة للاجماع المركب، وهي كمخالفة الاجماع البسيط ممنوعة، لكونها طرحا للدليل بلا مجوز.
ولكن رده المصنف بأن دعوى عدم القول الفصل وإن لم تكن بعيدة، لامكان تحققها، إلا أن الحجة على الحكم هو الاجماع البسيط وهو هنا القول بعدم الفصل، فلو كان اختلاف الأصحاب على قولين كاشفا عن نفي القول الثالث كان حجة، لأوله إلى الاجماع البسيط أعني نفي القول الثالث، وأما إذا لم يكن اختلافهم على قولين كاشفا عن الاجماع على نفي القول الثالث، فلا عبرة به، لعدم ثبوت هذا الاجماع - الذي هو الحجة - بمجرد عدم الفصل في كلماتهم، وعليه فلا يمكن تصحيح قضاء الانسدادي بهذا الوجه.
الوجه الثاني لنفوذ حكم الانسدادي هو: إدراجه في موضوع منصب القضاء، وجعله فردا عرفيا لقوله عليه السلام: (وعرف أحكامنا). و تقريبه: أن (أحكامنا) وإن كان جمعا مضافا ظاهرا في العموم و استغراق جميع الأحكام الشرعية كما تقدم بيانه، إلا أن العارف بجملة معتد بها منها يصدق عليه أيضا أنه عارف بالأحكام، لا (أنه عارف ببعض الاحكام) فان هذا الخطاب كسائر الخطابات الشرعية ملقاة إلى العرف، وهم المخاطبون بها، ومن المعلوم أن العارف بجملة وافية من الاحكام - مع كثرتها وسعتها - عارف بنظرهم بأحكامهم عليهم السلام. والمجتهد الانسدادي على الحكومة وإن كان باب العلمي منسدا عليه، إلا أنه يعرف كثيرا من الاحكام، وهي موارد الاجماعات المسلمة والأخبار المتواترة وأخبار الآحاد المحفوفة بالقرائن القطعية وغيرها، فإذا صدق عليه (راوي الحديث، والعارف بالأحكام) ثبتت له ولاية الحكم، فينفذ قضاؤه وإن انسد عليه باب العلم بمعظم
(1) هذا شروع في إثبات نفوذ حكم المجتهد الانسدادي على الحكومة بأحد وجهين:
الأول: الاجماع المركب، بمعنى أن الفقهاء بين من يقول بنفوذ حكم المجتهد مطلقا سواء أكان انفتاحيا أم انسداديا، وبين من ينكر نفوذ حكمه أيضا مطلقا بلا تفصيل بين الانفتاحي والانسدادي. وعليه فالمجتهد الانسدادي على الحكومة وإن لم يكن عارفا بالأحكام حتى يشمله قوله عليه السلام: (وعرف أحكامنا) إلا أن حكمه في المرافعات نافذ ببركة عدم القول بالفصل، إذ إنكار نفوذ حكمه مخالفة للاجماع المركب، وهي كمخالفة الاجماع البسيط ممنوعة، لكونها طرحا للدليل بلا مجوز.
ولكن رده المصنف بأن دعوى عدم القول الفصل وإن لم تكن بعيدة، لامكان تحققها، إلا أن الحجة على الحكم هو الاجماع البسيط وهو هنا القول بعدم الفصل، فلو كان اختلاف الأصحاب على قولين كاشفا عن نفي القول الثالث كان حجة، لأوله إلى الاجماع البسيط أعني نفي القول الثالث، وأما إذا لم يكن اختلافهم على قولين كاشفا عن الاجماع على نفي القول الثالث، فلا عبرة به، لعدم ثبوت هذا الاجماع - الذي هو الحجة - بمجرد عدم الفصل في كلماتهم، وعليه فلا يمكن تصحيح قضاء الانسدادي بهذا الوجه.
الوجه الثاني لنفوذ حكم الانسدادي هو: إدراجه في موضوع منصب القضاء، وجعله فردا عرفيا لقوله عليه السلام: (وعرف أحكامنا). و تقريبه: أن (أحكامنا) وإن كان جمعا مضافا ظاهرا في العموم و استغراق جميع الأحكام الشرعية كما تقدم بيانه، إلا أن العارف بجملة معتد بها منها يصدق عليه أيضا أنه عارف بالأحكام، لا (أنه عارف ببعض الاحكام) فان هذا الخطاب كسائر الخطابات الشرعية ملقاة إلى العرف، وهم المخاطبون بها، ومن المعلوم أن العارف بجملة وافية من الاحكام - مع كثرتها وسعتها - عارف بنظرهم بأحكامهم عليهم السلام. والمجتهد الانسدادي على الحكومة وإن كان باب العلمي منسدا عليه، إلا أنه يعرف كثيرا من الاحكام، وهي موارد الاجماعات المسلمة والأخبار المتواترة وأخبار الآحاد المحفوفة بالقرائن القطعية وغيرها، فإذا صدق عليه (راوي الحديث، والعارف بالأحكام) ثبتت له ولاية الحكم، فينفذ قضاؤه وإن انسد عليه باب العلم بمعظم