منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٤٣٤
وأما الجهة الثانية وهي بيان النسبة بين المشهورة - على فرض دلالتها على كفاية معرفة أحكام القضاء وفصل المرافعات - والمقبولة ونحوها مما ظاهره اعتبار الاجتهاد المطلق، فنقول: بناء على ظهور المشهورة بدوا في نفوذ قضاء المتجزي تقع المعارضة بينها وما بمضمونها كما في صحيحته الأخرى: (اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فإني قد جعلته عليكم قاضيا) وغيرها مما استدل به على كفاية التجزي في الاجتهاد، وبين المقبولة: (وعرف أحكامنا) الظاهرة في معرفة مقدار معتد به من الاحكام.
والظاهر لزوم تقييد المشهورة بالمقبولة، فإن معتبرة أبي خديجة وإن دلت على كفاية العلم بشئ من قضائهم عليهم السلام في جواز التصدي لهذا المنصب، إلا أن مقتضى قوله عليه السلام في المقبولة:
(وعرف أحكامنا) عدم كفاية العلم بمطلق الشئ من قضائهم في مشروعية القضاء في المرافعات، وأن اللازم معرفة كثير من أحكامهم عليهم السلام، خصوصا مع كونه عليه السلام في مقام نصب القاضي لفصل النزاع في الشبهة الحكمية التي تعارضت الروايات فيها كما هو مفروض سؤال عمر بن حنظلة من الاختلاف في الدين والميراث، فلا يكفي في التصدي لهذا المنصب التلبس بصرف الوجود من رواية الحديث، ما لم يبلغ مرتبة صدق (العالم والعارف بالأحكام) عليه.
هذا كله بناء على كون المشهورة كالمقبولة ناظرة إلى القاضي المنصوب بالنصب العام، وإلا فبناء على كون مفادها نصب قاضي التحكيم فلا معارضة لها مع المقبولة، لتعدد المورد.
والاجماع على عدم اعتبار رواية جميع أحاديثهم عليهم السلام ولا النظر في جميع حلالهم وحرامهم - لكفاية النظر في الجملة المعتد بها - وإن كان صحيحا، كما أن حمل المعرفة على الملكة خلاف ظهور المعرفة في الفعلية وتفكيك بين فقرات الرواية يأباه سياقها، إلا أن ذلك كله لا يوجب حمل (عرف أحكامنا) على الجنس الصادق على القليل والكثير، حتى يقال بكفاية التجزي في مقام القضاء، و ذلك لان تعذر إرادة الاستغراق الحقيقي من معرفة أحكامهم وتعذر حمل المعرفة على الملكة لا يوجبان التنزل إلى كفاية مطلق المعرفة الفعلية ببعض الاحكام، بل يتعين الحمل على الجملة المعتد بها كما ذكرنا، فما أفاده سيدنا الأستاذ (قده) في المستمسك عقيب كلامه المتقدم لا يخلو من خفاء.
وكيف كان فلو فرض سقوط المقبولة بالتعارض تعين القول باعتبار معرفة جملة وافية من أحكام