منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٥٩
المبحث الثالث: في وجه حجية هذا الاجماع. لا يخفى أن المقرر في الأصول حجية الاجماع من جمة كشفه عن قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره، وإلا فلا عبرة بنفس اتفاق الفقهاء، بل حتى إذا احتمل مدركيته. وأما في المقام فإما أن يكون الوجه في اعتباره ما في مختلف العلامة في بحث الكفارة من كتاب الصوم من قوله: (لا يقال: لا يصح التمسك بهذا الحديث من حيث السند، فإن في طريقه أبان بن عثمان الأحمر، وكان ناووسيا. لأنا نقول: إن أبان وإن كان ناووسيا إلا أنه ثقة، وقال الكشي: انه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، والاجماع حجة قاطعة، ونقله بخبر الواحد حجة).
وإما أن يكون وجهه إفادته للظن، حيث إنه يوجب الظن بصدور روايات هذه العدة، والظن حجة في الرجال، لانسداد باب العلم فيه.
وفي كليهما مالا يخفى أما الأول فلان الاجماع - كما أفاده العلامة - منقول بخبر الواحد، ولا عبرة بتضافر نقله بعد انتهاء السلسلة إلى الكشي، إلا أنه قد تقرر عدم حجية المنقول منه بخبر الواحد.
مضافا إلى أن مفروض الكلام في حجية الاجماع هو الاتفاق على حكم شرعي لا موضوع خارجي وهو وثاقة رجال السند، وعليه فمناط الحجية فيه مفقود.
وأما الثاني فلان الأصل فيه عدم الحجية، إذ لا دليل على حجية الظن في علم الرجال، وإنما يعول فيه على الوثوق والاطمئنان، لا على مجرد الظن، فإن حصل الوثوق من أقوال علماء الرجال كما يحصل ذلك من اتفاقهم على تعديل شخص أو جرحه فلا كلام، وإلا فلا نقول بحجية قولهم، والروايات الموثوق بصدورها تغنينا عن القول بحجية الظن في الرجال من باب الانسداد، إذ لا حاجة إليه مع كفاية تلك الروايات.
إلا أن يدعى حصول الوثوق بالصدور من هذا الاجماع كما التزم به المحدث النوري (ره) فلا يقصر عن تزكية الرجاليين لشخص، ولا فرق في التعديل بين توثيق رجل واحد أو بيت معين ك آل أبي شعبة مثلا وبين التوثيق العام لكل من روى عنه أصحاب الاجماع.
وعلى هذا يسلم هذا الاجماع عن الاشكال العام في حجية الاجماع المنقول من عدم شمول أدلة حجية الخبر للخبر الحدسي، وذلك لان الكشي يدعي اتفاق العصابة على صحة أحاديث هذه العدة، وهذا إخبار حسي، كدعوى السيد ابن طاوس (قده) الاجماع على وثاقة إبراهيم بن هاشم، فإن هذا