منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٢٨
ومع الغض عن شمول دليل حرمة العمل بغير العلم للتقليد الذي هو دليل اجتهادي - لخروج التقليد في الجملة عن حيز عموم دليل الحرمة - يحرز باستصحاب شرطيتها عدم حجية قول الميت.
ومعه لا يبقى شك في الحجية حتى يجري فيها الاستصحاب.
لكنه مع ذلك لا بأس بالتعرض إجمالا لما أفادوه من جريان الاستصحاب تبعا لهم، فنقول وبه نستعين: إن الكلام يقع في مقامين:
أحدهما: الاستصحاب الذي يراد به إثبات جواز تقليد الميت ابتدأ.
ثانيهما: إثبات جواز تقليده بقاء.
تقريب الاستصحاب في تقليد الميت ابتدأ بوجوه: أما المقام الأول فتقريبه: أن الاستصحاب يقرر بوجوه:
الأول: إجراؤه في نفس الحكم الشرعي، بأن يقال: إن وجوب تثليث التسبيحات الأربع في الأخيرتين كان فتوى شيخ الطائفة مثلا، وبعد وفاته يشك في بقاء هذا الوجوب، فيستصحب. وهذا الاستصحاب تنجيزي.
الثاني: إجراؤه في حكم المستفتي، بأن يقال: إن جواز أخذ فتوى المجتهد في زمان حياته والعمل بها للعامي كان معلوما، وبعد وفاته يشك في بقائه فيستصحب. وهذا الاستصحاب تنجيزي أيضا إذا أدرك العامي حياة المجتهد واجدا لشرائط التكليف، وتعليقي إذا لم يدركه كذلك بأن صار مكلفا بعد موت ذلك المجتهد.
الثالث: إجراؤه في حكم المفتي، بأن يقال: إن ذلك المجتهد الميت كان حال حياته جائز التقليد، وبعد وفاته يشك في بقاء هذا الجواز، فيستصحب. وهذا الاستصحاب أيضا تنجيزي كما لا يخفى.
الرابع: إجراؤه في الظن بالحكم، بأن يقال: إن الظنبالحكم الشرعي الحاصل للمجتهد حال حياته يشك في بقائه بعد وفاته، فيستصحب استصحابا تنجيزيا.
فإن هذه الاستصحابات - على تقدير سلامتها - تنتج جواز تقليد الميت ابتدأ.
لكنها غير سليمة من الاشكال، لما ثبت في محله من عدم جريان الاستصحاب فيما إذا كان منشأ