منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٢٩٧
الاخر فيرتفع أيضا، إذ يخصص أو يقيد ذلك العقد السلبي بنصوصية عقد الاثبات، وتصير الروايتان بمنزلة رواية واحدة دلت على نفي الضمان في العارية إلا مع الشرط أو كون المستعار من الدراهم أو الدنانير.
والكلام كله في حل تعارض عقد الايجاب في ضمان الذهب والفضة مع عموم العقد السلبي أو إطلاقه في روايتي الدراهم والدينار، فإن الظاهر كون النسبة بينهما هي العموم من وجه، لدلالة العقد السلبي في الخبرين على نفي ضمان عارية مثل الكتب والفرش، ودلالة العقد الاثباتي في رواية الذهب والفضة على ضمان عاريتهما، و تعارضهما التبايني في مادة الاجتماع وهو عارية المصوغ من الجنسين كحلي النساء والسبائك، فإن أمكن علاج التعارض بما سيأتي بيانه فهو، وإلا فبعد تنافي المخصصات بعضها مع بعض لا بد من الاقتصار في تخصيص عموم نفي الضمان بقدر ما قامت الحجة عليه وهو عارية الدراهم والدنانير خاصة.
وقد استدل للمشهور بوجهين:
أحدهما: مبني على ملاحظة كل واحد من الخصوصات مع عموم صحيح الحلبي، وكون النسبة العموم والخصوص المطلق.
وثانيهما: مبني على كون النسبة بين المخصصات عموما من وجه، لكن يتعين تقديم عقد الايجاب في رواية الذهب والفضة لخصوصية في المقام.
أما الوجه الأول: فقد اعتمد عليه جمع من أساطين الفقه منهم صاحب الجواهر (قده)، حيث قال بعد ذكر جملة من الاخبار - وأن الأقوى هو الضمان في عارية مطلق الذهب والفضة - ما لفظه:
(بعد ظهور اتحاد المستثنى منه في جميعها في كون المراد تعدد الاخراج من العام، فهي مخصصات متعددة من عام متحد لا يقدح أخصية بعضها من بعض، إذ جميع المخصصات متحدة في الحكم الايجابي الذي هو الضمان، فلا يحمل بعضها على بعض بعد عدم التنافي بينها.
إلى أن قال: فهو بمنزلة أن يقول: أكرم الرجال، ثم يقول: لا تكرم زيدا منهم، وأخرى: لا تكرم عمرا، وثالثة: لا تكرم الجهال، وفي الواقع كان زيد وعمرو من أفراد الجهال، فإنه لا يشك من له أدنى فهم بالخطابات العرفية إرادة إخراج الجهال من الحكم الأول، ولكن نص على زيد وعمرو للتأكيد ونحوه).