منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٢٥
مضافا إلى ظهور ترتب الجزاء - وهو (فللعوام أن يقلدوه) - على الشرط وهو (وأما من كان من الفقهاء. إلخ) في كون موضوع جواز التقليد هو المتصف بتلك الصفات فعلا، وليس ذلك إلا المجتهد الحي.
فالمتحصل: أنه لا بد أن يكون رجوع العامي إلى مجتهد واجد لتلك الصفات حين رجوعه إليه.
بل هو ظاهر في اعتبار الحياة في التقليد مطلقا أي: ما دام العامي يقلده، من غير فرق بين الابتدائي والاستمراري.
وكذا الاخبار الارجاعية، فإن المأمور بالافتاء للناس ومرجعهم من ناحية الإمام عليه السلام كأبان والأسدي وزكريا بن آدم و أضرابهم نفس الأشخاص الذين هم أحياء، لا رواياتهم، والارجاع إلى الحي لا يدل على اعتبار قوله بعد موته، بل هو يتوقف على دليل آخر.
والحاصل: أن ظاهر الأدلة اللفظية - أو متيقنها - كون موضوع جواز التقليد هو المجتهد الحي، فموضوعية المجتهد الميت له محتاجة إلى الدليل.
وإن شئت الوقوف على جميع طوائف الأدلة من الآيات والروايات، وتقريب الاستدلال بها على التقليد، والمناقشات التي أوردوها على الاحتجاج بها، فراجع تقريرات شيخنا الأعظم قدس سره وجزاه الله تعالى عن العلم وأهله خير الجزاء.
وإن أبيت عن ظهور الأدلة في اعتبار الحياة في كل من التقليد الابتدائي والبقائي وسلمت ظهورها في خصوص الابتدائي، فلا مانع من جريان استصحاب شرطية الحياة بعد الموت، ومعه لا يجري استصحاب حجية الفتوى كما أشير إليه سابقا، هذا.
وأما توهم دلالتها على عدم اعتبار الحياة مطلقا لا في التقليد البدوي ولا في البقائي فلا وجه له أصلا، لقصور الأدلة عن الدلالة على ذلك.
وغاية ما يمكن دعواه هي عدم دلالتها على اعتبار الحياة وعدمه وإهمالها من هذه الجهة. وعلى فرض دلالتها على ذلك لا بد من رفع اليد عن هذه الدلالة، لتكرر دعوى الاتفاق في كلماتهم على اعتبار الحياة الكاشف عن إعراضهم عن تلك الدلالة.
ويتلوه في الضعف دعوى إهمال الأدلة وعدم دلالتها إلا على موضوعية المجتهد لجواز التقليد، من دون تعرض لدخل الحياة فيه و عدمه. مع أن الاهمال - بعد تسليمه - لا يجدي في إثبات حجية قول المجتهد بعد موته، لأنه مع الاهمال لا بد من الاخذ في مقام تخصيص العام بالقدر المتيقن من