منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٢٩٢
مجرد ما قاله - كما تقدم في الامر الأول - وكان التعارض ملحوظا بين حجتين لا بين الحجة واللا حجة كما تقرر في الامر الثاني، و كان تقديم كل خاص على عامه بمناط القرينية العرفية والجمع الدلالي كما أشير إليه في الامر الثالث، فلا بد من الالتزام بانقلاب النسبة بين المتعارضين بالتباين في المثال إلى نسبة العموم والخصوص المطلق، هذا.
أقول: أما المقدمة الأولى فلا ريب في تماميتها. وأما الثانية فإن أريد بتوقف التعارض على حجية كل منهما - لولا التعارض - الكشف النوعي عن المراد فالمفروض تحققه في العام المخصص بالمنفصل، لعدم انثلام كشفه النوعي العمومي بالتخصيص. وإن أريد كشفه الشخصي الفعلي، فالعام المخصص وإن لم يكن له ظهور بهذا النحو، إلا أنه لا سبيل للالتزام باعتبار هذا السنخ من الظهور، وذلك لصيرورة العام مجملا بمجرد ورود مخصص منفصل عليه بحيث لا يمكن حكايته عن المراد الجدي بأصالة العموم كما تقدم في كلام الماتن.
وأما المقدمة الثالثة فاللازم البحث فيها من جهتين، الأولى: في أن الجمع الدلالي بين العام والخاص يستند إلى قرينية الخاص على المراد الجدي من العام.
الثانية: في اطراد هذا الملاك في جميع موارد التخصيص سواء كان أحد الدليلين أخص من الاخر ذاتا أم عرصا بسبب العلاج.
والذي صرح به المحقق النائيني (قده) أن تقديم الخاص على العام يكون لقرينيته عليه، كما أن مقتضى حكمه بانقلاب النسبة - لتقدم كل خاص على عامه - هو التسوية في القرينية بين الخاص الذاتي و العلاجي.
لكن يمكن منع كلتا الجهتين: أما الأولى فدعوى القرينية كما في (رأيت أسدا يرمي) ونحوه من القرائن المكتنفة بالكلام في محلها، ولذا لا تلاحظ أقوائية ظهور القرينة من ظهور ذيها، بل يقدم الظهور الاطلاقي على الوضعي، إذ لا يستقر ظهور ل (أسد) في الحيوان المفترس إلا بعد فراغ المتكلم من كلامه وعدم إلحاق قرينة صارفة به.
وهذا بخلاف المخصص المنفصل، إذ العبرة في تقديمه على العام في مجمع تصادق العنوانين هو قوة دلالة الخاص عليه بالقياس إلى العام، فمناط التخصيص هو أخصية الخاص المستندة إلى