منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٦٣
فمنهم المحقق في المعتبر، حيث قال: (ولو احتج بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا. كان الجواب الطعن في السند، لمكان الارسال. ولو قال: مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب، منعنا ذلك، لان في رجاله من طعن الأصحاب فيه، وإذا أرسل احتمل أن يكون الراوي أحدهم). وهذه العبارة وإن كانت ناظرة إلى عدم اعتنائه بمرسلات ابن أبي عمير، إلا أن المستفاد منه عدم ركونه إلى مطلق مسنداته، لعدم كون جميع رجاله من الثقات، بل فيهم الضعفاء الذين طعن فيهم علماء الرجال. وبهذا تكون مرسلاته شبهة موضوعية لعموم شهادة الشيخ من قوله: (لا يرسلون إلا عن ثقة) لأنه لما كانت مسنداته بين صحيحة وضعيفة فلا يمكن الحكم بصحة مرسلاته، لاحتمال أن يكون من أرسل عنه ضعيفا، فيبقى تحت أصالة عدم الحجية، في غير ما علم بخروجه عنها.
وقال الشهيد في محكي الذكرى في مضمرة لزرارة - ومضمراته تبلغ ٧٨ موردا كما في معجم رجال الحديث - (رواية زرارة موقوفة) وهذا كاشف عن عدم اعتماده على الاجماع مطلقا حتى بالنسبة إلى المراسيل.
وقال الشهيد الثاني في المسالك في الاشكال على الاستدلال بالمقبولة: (والرواية نص في المطلوب، لكن قد عرفت ما في طريقها، فإن تم الاستدلال بها لانجبار ضعفها بالشهرة فهي العمدة) وهذا صريح في عدم اعتماده على الاجماع في الحكم بوثاقة كل من روى عنه هؤلاء.
نعم قد يدعى اعتبار مرسلات ابن أبي عمير خاصة، لقول النجاشي:
(أصحابنا يسكنون إلى مراسيله) فإن السكون هو العمل، والمراد به الحجية، بحيث يكون معقد الاجماع حجية مراسيلهم، والحجية حكم شرعي أصولي، فيكشف الاتفاق عن رضا الشارع بذلك، أو أنه شهادة إجمالية بوثاقة كل من روى عنه ابن أبي عمير مرسلا، وإن كان يسند عن غير الثقة أيضا.
لكنه ممنوع بما تقدم من المحقق وغيره من أنه لو كان جميع رجال ابن أبي عمير من الثقات - في رواياته المسندة - أمكن دعوى حجية مراسيله من جهة اقتصاره على الرواية عن الثقات، وحيث اتضح ضعف عده منهم لم يبق سبيل لاحراز وثاقة كل رجل روى عنه ابن أبي عمير مرسلا.
وقد تحصل من جميع ما ذكرناه: أن الاخذ بظاهر إجماع الكشي و الشيخ في حق أصحاب الاجماع غير متيسر، لعدم عمل الشيخ ولا غيره بهذه الشهادة العامة، لتصريحه بضعف علي بن حديد