منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٧٠
يكون المائع عنده وإن كان أحد المترافعين مجتهدا يرى نجاسة عرق الجنب من الحرام، أو كان مقلدا لمن يقول بنجاسته، فإن الحكم الكلي يبطل في خصوص الواقعة الجزئية التي وقع النزاع والخلاف في حكمها حتى أدى إلى الترافع.
الفقرة الخامسة: قول عمر بن حنظلة: (قلت: فان كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا. إلى قوله عليه السلام: ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر) ظاهر تقريره عليه السلام جوازاختيار كل واحد من المترافعين حكما لحل الخصومة، وعدم اختصاص هذا الحق بالمدعى، وفي صورة تعارض الحاكمين اللذين هما من أهل النظر والاستدلال رجح الإمام عليه السلام حكم الحاكم الأعدل الأفقه الأصدق في الحديث و الأورع، ولم يحكم بنفوذ أسبق الحكمين زمانا. وهذه الجملة إحدى جهات البحث والاشكال كما سيأتي.
الفقرة السادسة: قول عمر بن حنظلة: (فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الاخر. إلى قوله عليه السلام.
وقع في المحرمات) بعد أن رجح الإمام عليه السلام حكم الأعدل الأفقه سأل الراوي عن فرض استواء الحاكمين في الصفات، فأخذ عليه السلام في ترجيح أحد الحكمين بالنظر في مستنديهما، وجعل المرجح الأول شهرة الرواية بين الأصحاب، وعلل الترجيح به بأمرين، أحدهما: كون المجمع عليه مما لا ريب فيه إما حقيقة وإما بالإضافة إلى غيره، وثانيهما: كونه بين الرشد، وأن غيره إما مشتبه ينبغي رده إلى الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وإما بين غيه يجب الاجتناب عنه.
الفقرة السابعة: قوله عليه السلام: (وهلك من حيث لا يعلم) المراد بهذه الهلكة هي العقوبة، ولازمه إيجاب الاحتياط، إذ الحرام الواقعي ما لم يجب الاحتياط فيه لا يوجب العقوبة عليه، فإن استحقاقها مترتب على العصيان، وهو متوقف على مخالفة التكليف المنجز بالحجة من العلم أو العلمي، ومع عدم وصول التكليف بالحجة إلى العبد يقبح على المولى العقاب عليه، لأنه بلا بيان، فلا بد أن يكون تنجز التكليف بسبب إيجاب الاحتياط في الشبهات سواء أكانت الشبهة ناشئة من فقد الحجة أم تعارضها أم إجمالها، فمقتضى هذه الجملة وجوب الاحتياط في تعارض الخبرين لا التخيير ولا الترجيح.
وأما الجهة الثالثة - وهي المناقشة في الاستدلال بالمقبولة على ترجيح أحد الخبرين المتعارضين المتفاضلين - فقد قال فيها شيخنا الأعظم (قده): (وهذه الرواية الشريفة وإن لم تخل عن الاشكال بل الاشكالات - من حيث ظهور صدرها في التحكيم لأجل فصل الخصومة وقطع المنازعة