منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٠١
أعني بقاء التكليف، وانسداد باب العلم وقبح تكليف ما لا يطاق).
وقال مقرر بحث سيدنا الفقيه الأصفهاني في توضيح المتن: (وهذا الدليل يرجع إلى دليل انسداد يجريه المقلد بسبب ارتكازه، بلا علم منه لكيفية بسط مقدماته، وضم بعضها إلى بعض لكي يستنتج كما يصنعه أهل النظر والاستدلال، لكنها مغروسة في ذهنه مرتكزة عنده بجبلته بحيث لو سئل عن آحادها عنه يصدق تصديقا فطريا بصحته. وتقريره على وجه الصناعة أنه مركب من مقدمات:
الأولى: أن الشارع ما جعلنا بالنسبة إلى أحكامه مهملين كالبهائم.
الثانية: تحقق العجز عن تحصيلها بالعلم.
الثالثة: انسداد الطرق للعمل بها غير التقليد من الرجوع إلى الوظائف وبطلان الاحتياط وعسريته. وبعد تمامية تلك المقدمات يحكم العقل بلزوم الرجوع إلى العالم.).
وجعل شيخنا الأعظم (قده) حكم العقل بجواز التقليد بلحاظ دليل الانسداد فراجع.
وكذا المحقق الأصفهاني (قده) فإنه بعد أن ناقش في اقتضاء الفطرة - بالمعنى الذي استظهره من المتن وأشكل عليه بما سيأتي بيانه - جعل مستند العامي في جواز التقليد هو الانسداد، وقرر المقدمات بنحو يستكشف منها أن الشارع جعل فتوى المجتهد طريقا للعامي.
وما أفادوه وإن كان حقا، فإن لانسداد باب العلم وسائر المقدمات حيثية تعليلية في إذعانه عقله بلزوم الرجوع إلى الفقيه، ولولاها لما استقل عقله به.
إلا أنه يشكل الاعتماد عليه بما أوردوه على التمسك بالانسداد الكبير، فإن العامي كيف يستقل عقله بجواز التقليد ما لم يتمكن من إبطال العمل بالاحتياط مطلقا حتى إذا لم يكن مستلزما للعسر؟ فلا وجه لاستكشاف خطاب بجواز التقليد عقلا - كما يظهر من تقرير الشيخ الأعظم للمقدمات - أو شرعا كما هو صريح كلام المحقق الأصفهاني في المقام لو التفت العامي إلى أن في العمل بالفتوى وترك الاحتياط قد تفوت المصالح الواقعية اللازمة الاستيفاء، ولا سبيل لاحراز عدم إرادة الشارع العمل بالاحتياط من العامي إلا بالتقليد، أو استعلام كونه ضروريا في هذه الاعصار، لاتفاق أرباب النظر على عدم وجوب الاحتياط عليه.