منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١١٨
وأما ما أفاده (قده) من الاخبار العامة الدالة على التوقف في مطلق الشبهات فهو وإن كان محتملا، لكن احتمال ما ذكرناه من روايتي سماعة ومحمد بن علي بن عيسى لعله أقرب، إذ الظاهر عدم قصور في دلالتهما على التوقف في الفتوى والسعة في العمل.
هذا ما دل من الاخبار على التوقف في تعارض الخبرين مطلقا من غير تقييد بفقد المرجح. وفي بعض الاخبار تقييد الامر بالارجاء بما إذا لم يكن لاحد الخبرين مزية ترجحه على الاخر، كما في مقبولة عمر بن حنظلة، فإنه عليه السلام بعد فرض استواء الحاكمين في الصفات أمر بالنظر في مستندي حكميهما، والاخذ بالمشهور و الموافق للكتاب والمخالف للقوم وما يكون حكامهم أميل إليه، وبعد تكافؤ الخبرين في هذه الأمور قال عليه السلام: (إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات) فالحكم بالتوقف متأخر عن وجوه الترجيح.
كما أن ظاهر المقبولة بقرينة قوله عليه السلام: (حتى تلقى إمامك) اختصاص الحكم بالارجاء بزمان الحضور، خصوصا مع اقتضاء مورد السؤال - وهو النزاع المالي - رفع الخصومة وقطع مادة التشاجر بين المترافعين، مما يكون إيقاف الدعوى لمدة قصيرة - أي إلى إمكان التشرف واستعلام الواقع - ممكنا.
ولأجل اختلاف مضمون المقبولة مع مفاد المطلقات الامرة بالوقوف عند المتعارضين لم نذكر هذه الرواية في التوضيح المعد لبيان مراد الماتن من مطلقات أخبار الوقوف.
وكيف كان فالظاهر أن أخبار التخيير معارضة بأخبار الوقوف بالتباين، و من المعلوم إناطة حجية أحد الخبرين المتعارضين تخييرا بتقديم أخبار التخيير بنحو من الجمع الدلالي بين الطائفتين بعد ما عرفت من وجود الأخبار المعتبرة سندا في كلتيهما.
وقد تصدى الأصحاب (رضوان الله عليهم) للجمع بينهما أو تقديم أخبار التخيير مطلقا، أو في عصر الغيبة. وقد حكى المحدث البحراني وجوها ثمانية للجمع بينهما، وناقش فيها، وإخبار الثاني من تلك الوجوه جمع منهم شيخنا الأعظم، وهو حمل أخبار الوقوف على التمكن من رفع الشبهة والوصول إلى الإمام عليه السلام، وحمل أخبار التخيير على زمان تعذر الوصول إليه عليه السلام، وهو محكي عن الثقة الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج، فراجع.
كما أن القائلين بالتخيير اختلفوا في كيفية تقديم أخباره على أخبار الوقوف، فذهب المحقق الآشتياني ووافقه شيخنا المحقق العراقي (قدهما) إلى حكومتها على أخبار الوقوف العامة، واختار