منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٤١٢
الظاهر من (بحكمنا) هو: أن ما يقضي به الحاكم في الواقعة لا بد أن يكون حكمنا حتى يشمله دليل جعل المنصب.
وبعبارة أخرى: فرق بين أن يقال: (قضاء العارف بالأحكام قضاؤهم عليهم السلام، لأنه منصوب من قبلهم) وأن يقال: (ما قضى به المجتهد يكون منهم عليهم السلام) فإن كونه منهم منوط بمعرفة أحكامهم التي وقع عليها القضاء.
والظاهر أن المقبولة تكون في مقام تشريع نفوذ حكم القاضي الشيعي الذي صدر عن الموازين المقررة عندهم عليهم السلام في باب القضاء، بأن لا يصدر عن القياس والاستحسانات المعول عليها عند العامة. وربما يؤيد هذا الاستظهار ما ذكر بعده من الجمل لتفريع حرمة نقضه ورده على قوله:
(فإذا حكم بحكمنا). فمحصله: (أن الراوي لحديثنا إذا عرف أحكامنا بالنظر فيها، فحكم بالموازين التي عندنا، فذلك حكمنا الذي لا يجوز رده والاستخفاف به) وهذا المعنى ينطبق على حكم المجتهد في الشبهات الحكمية والموضوعية.
واستشهاد المصنف (بأن حكم الحاكم في الشبهات الموضوعية كملكية دار لزيد على أن المراد من - بحكمنا - هو أنه منصوب من قبلنا) لا يشهد له، لالتئام هذا الكلام مع ما ذكرناه أيضا، فإن المجتهد إذا حكم في شبهة موضوعية على طبق الموازين المقررة في كتاب القضاء كان حكمه حكمهم عليهم السلام، لانبعاثه عن رواياتهم وموازينهم صلوات الله عليهم) في باب القضاء.
هذا تمام الكلام في المجتهد المطلق الذي استنباط جملة وافية من الاحكام.
وأما من لم يستنبط شيئا من الاحكام ففي ثبوت الاحكام المتقدمة له وعدمه خلاف، لا بأس بالإشارة إليه في طي جهات:
الجهة الأولى: في جواز رجوعه إلى الغير في عمل نفسه، والمنسوب إلى المشهور العدم، وإلى السيد المجاهد في المناهل الجواز. و الصحيح هو الأول، لان مقتضى تنجز الاحكام الواقعية عليه بالعلم الاجمالي بها أو الاحتمال هو لزوم الخروج عن تبعة العقوبة على مخالفة تلك التكاليف المنجزة، ولا محيص حينئذ عن تحصيل العلم بالمؤمن وهو الوظيفة العملية، ومن المعلوم توقف العلم المزبور على الاجتهاد الفعلي وعدم حصوله بمجرد وجود الملكة، فإذا لم يجتهد فعلا فهل يجوز أن يقلد الغير في أعماله أم لا؟ فعن الشيخ الأعظم (قده) دعوى الاتفاق على عدم جواز تقليد غيره،