منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٦٩
تعسر تعلم فتاواه على أهالي البلدان فضلا عن سكان القرى والبوادي، وكل حكم عسري مرفوع، فوجوب تقليد الأعلم مرفوع، فيجوز تقليد المفضول مع مخالفة فتواه لفتوى الأعلم، هذا.
وفيه: أنه لا يلزم الحرج في شئ مما ذكر. أما من ناحية المفهوم فلان مفهوم الأعلم من المفاهيم العرفية، وسيأتي توضيحه (إن شاء الله تعالى) وكذا مصداقه، فإنه لا يزيد مئونة تشخيصه على مئونة تشخيص مفهومه في سائر الموارد كالأعلم في علم الطب وغيره من العلوم، فكما يتحقق تشخيصه هناك بالعلم والاطمئنان والشياع، فكذلك يحصل ذلك هنا بها بإضافة البينة إليها. وأما من ناحية تعلم فتاواه فلامكان ذلك بأخذ رسالته أو السؤال عمن يحيط بفتاوى المجتهدين وينقلها لمقلديهم.
والحاصل: أنه لا يلزم حرج في شئ من هذه المراحل الثلاث أصلا خصوصا بعد ملاحظة اختصاص وجوب الرجوع إلى الأعلم بالمسائل التي علم بمخالفة فتوى المفضول لفتوى الأفضل فيها، ومن المعلوم انتفاء الحرج في العلم بموارد الخلاف، هذا.
مضافا إلى: أنه أخص من المدعي، إذ لا حرج على الكل في تقليد الأعلم، بل يختص الحرج ببعض المكلفين.
3 - سيرة المتشرعة الثالث: استقرار سيرة المتشرعة على الرجوع إلى كل مجتهد من دون فحص عن أعلميته مع اختلاف العلماء في الفقاهة والفتوى، فعدم فحصهم دليل على عدم وجوب تقليد الأعلم.
وفيه: أن دعوى السيرة في غير صورة العلم بالمخالفة غير بعيدة. لكنه أجنبي عن المدعى، وهو استقرار السيرة على عدم الفحص في صورة العلم بالمخالفة، فإن دعوى السيرة في هذه الصورة ممنوعة جدا، بل السيرة على خلافه، لما ترى من عدم استعمال المريض دواء الطبيب الذي خالفه في ذلك طبيب أعلم منه، فإن المريض يترك ذلك الدواء ويستعمل دواء الطبيب الأعلم.
وبالجملة: فالمتيقن من السيرة هو صورة عدم العلم بالمخالفة، وهي أجنبية عن صورة العلم بالمخالفة التي هي مورد البحث.
4 - الروايات الارجاعية الرابع: إرجاع الأئمة المعصومين عليهم أفضل صلوات المصلين جماعة من العوام إلى عدة من