منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٨٤
2 - تعين تقليد الأعلم وان كان المفضول أوثق في الاستنباط الثاني: أنه إذا كان المفضول أوثق من الأفضل في الفتوى بحسب الأمور الراجعة إلى الاستنباط، نظير كونه أكثر فحصا من الأفضل وأبذل جهدا منه، فهل يتعين حينئذ أيضا تقليد الأفضل أم يتخير؟
وجوه، من مزاحمة الزيادة العلمية للأوثقية، فيتخير. ومن وجود الوثوق المعتبر في الاجتهاد في الأعلم، وعدم ثبوت مرجحية أزيد منه، فيتعين العمل بقول الأعلم. ومن أن الأوثقية في الفتوى توجب الأقربية إلى الواقع، فيتعين العمل بقول المفضول.
والأوجه هو الثاني، لان زيادة الفحص إن كانت دخيلة في الاستنباط وكان الأعلم فاقدا لها فلا يجوز تقليده، لتقصيره في الاستنباط، و هو خلاف الفرض. وإن لم تكن دخيلة في الاستنباط فوجودها وعدمها سيان، ولا تزاحم الأعلمية.
وإن شئت فقل: ان مرجحية الأعلمية معلومة، ومرجحية الأوثقية مشكوكة، ولا وجه لرفع اليد عن المعلوم بالمشكوك.
نعم بناء على كون مناط تقديم فتوى الأعلم على فتوى المفضول أقربيتها إلى الواقع من فتوى غيره، وكون الأوثقية في الفتوى موجبة للأقربية تقدم فتوى المفضول. لكنه غير ثابت.
3 - جواز تقليد المفضول إذا أفتى الأعلم به الثالث: إذا أفتى الأعلم بعدم جواز تقليد المفضول، فلا إشكال في عدم جواز تقليده، وإذا أفتى بجواز تقليده فالظاهر جواز تقليده، ولكن في تقريرات شيخنا الأعظم (قده) حكاية عدم جوازه عن بعض معاصريه. ولم يظهر له وجه وجيه.
فإن كان نظره في ذلك إلى: أنه يلزم من وجود تقليد الأعلم عدمه، ففيه: أن مورد التقليد مسألة أصولية وهي حجية فتوى المفضول، و ليس مورده نفس الفروع الفقهية حتى يلزم ذلك، كإفتاء الأعلم بوجوب تثليث التسبيحات الأربع، وإفتاء المفضول بوجوبها مرة واحدة، فهذا التقليد نظير التقليد في مسألة البقاء على تقليد الميت في أن مورد تقليد الحي هناك أيضا حجية قول الميت، لا نفس الاحكام الفرعية.