منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٦٣
تسمية هذا الوجوب بالجواز إنما هي للرخصة في تركه إلى بدل، فلا يندفع الاشكال بهذا التوهم، هذا.
ب - أصالة البراءة الثاني: أصالة البراءة عن وجوب تقليد خصوص الأعلم، لكونه كلفة زائدة، فيكون مخيرا في العمل بإحدى الفتويين، حيث إن إيجاب العمل بفتوى خصوص الأفضل يوجب الضيق على العامي، فينفي بأصالة البراءة، نظير الشك في أن الواجب عتق مطلق الرقبة أو خصوص المؤمنة، مع عدم إطلاق دليل ينفي اعتبار هذه الخصوصية كما إذا كان لبيا أو مجملا لفظيا، فإنه ينفي التكليف بهذه الخصوصية بأصل البراءة.
وبالجملة: فالمقام من صغريات التعيين والتخيير التي تجري فيها البراءة عن التعيينية، هذا.
وفيه: منع صغروية المقام لكبرى التعيين والتخيير التي تجري فيها البراءة.
وتوضيح ذلك منوط بالإشارة إلى أقسام التخيير حتى يتضح حال المقام، فنقول:
أقسام التعيين والتخيير القسم الأول: التخيير العقلي الثابت في تعلق التكليف بطبيعة ذات أفراد، فإن التخيير بين أفرادها يكون بحكم العقل، والشك في هذا التخيير ينشأ من احتمال دخل خصوصية بعض الافراد في الحكم بحيث يختص حكم الطبيعة به، دون غيره من الافراد، كاحتمال دخل الايمان في وجوبعتق الرقبة. فان كان لدليل الحكم المتعلق بالطبيعة إطلاق يدفع به احتمال دخل خصوصية الايمان في الحكم، ويثبت به إطلاق الحكم لجميع أفراد الطبيعة على حد سواء. وإن لم يكن لدليل الحكم إطلاق يدفع الشك في دخل خصوصية الايمان بأصل البراءة، لان قيدية الايمان مما تناله يد التشريع، وفي رفعها منة، فتجري فيها البراءة، وبها يرتفع الشك في التعيينية.
القسم الثاني: التخيير الشرعي الذي يتكفله الخطاب كخصال الكفارة، فإن التخيير فيها شرعي واقعي، وليس للعقل فيه دخل أصلا، فإذا شك في وجوب إحداها جرت فيها البراءة.
القسم الثالث: التخيير العقلي الثابت في باب التزاحم، فإن الواجبين المتزاحمين كإنقاذ الغريقين وإطفاء الحريقين يشتمل كل منهما على مصلحة موجبة لجعل الوجوب لكل واحد منهما تعيينا، إلا أن عدم قدرة المكلف على امتثالهما معا أوجب حكم العقل بالتخيير بينهما مع تساوي