منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٨٥
وإن كان نظره إلى: أن الرجوع إلى المفضول خلاف حكم العقل بلزوم الرجوع إلى الأعلم، ففيه:
أن هذا الحكم العقلي إنما هو لأجل مؤمنية فتوى الأفضل من العقوبة، ومن المعلوم مؤمنية فتواه مطلقا وإن كانت هي حجية فتوى المفضول.
واحتمال كون ملاك حكم العقل أقربية فتوى الأفضل، وهو ينافي حجية فتوى المفضول، مندفع أولا بأنه لم يثبت كون الأقربية ملاك حكم العقل بالحجية وثانيا بعد تسليمه لا طريق إلى إحرازها في خصوص المقام.
فالمتحصل: جواز تقليد المفضول إذا أفتى الأفضل بجوازه.
٤ - إذا قلد أحد المتساويين ثم صار غيره أعلم الرابع: إذا قلد أحد المجتهدين المتساويين أو قلد أعلم الموجودين ثم صار غيره أعلم، فهل يجب العدول إلى هذا الأعلم، أم يجب البقاء على تقليد الأول، أم يتخير بينهما؟ وجوه، فعن الشيخ (قده) في التقريرات ابتناء المسألة على جواز العدول وعدمه، فعلى الأول يجب العدول، لوجود المقتضي وهو الأعلمية، وعدم المانع، إذ لا مانع منه إلا احتمال حرمة العدول، والمفروض جوازه، فيجري فيه ما يدل على وجوب تقليد الأعلم.
وعلى الثاني يشكل الامر، لتعارض أدلة الطرفين، فيحكم بالتخيير بينهما.
لكن الأقوى الرجوع إلى الأعلم، لوجهين:
أحدهما: أن الدليل المعتد به على حرمة العدول - وهو الاجماع المحكي عن العلامة والعميدي - لما كان لبيا، والمتيقن منه غير المقام، فلا يصلح للمنع عن العدول، فيجب الرجوع إلى الأعلم بلا مانع. ولا مجال لاستصحاب حرمة العدول أيضا، لاحتمال دخل التساوي في موضوع الحرمة، وهو يوجب الشك في بقاء الموضوع المانع عن جريان الاستصحاب، نظير احتمال دخل الحياة في جواز التقليد المانع عن جريان استصحاب جواز البقاء على تقليد الميت.
ثانيهما: كون المقام من صغريات التعيين والتخيير في الحجية المعذرية، وقد عرفت أن مؤمنية فتوى الأفضل ومعذريتها قطعية، بخلاف فتوى المفضول، فإنها مشكوكة الحجية والمعذرية.
والحاصل: أنه يجب العدول إلى تقليد من صار أعلم ممن قلده، إذ بناء على وجوب تقليد الأعلم