منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٧٩
على صدوره من المعصومين عليهم السلام، وذلك لتعليل الاخذ به بأمرين: أحدهما قوله عليه السلام:
(فإن المجمع عليه لا ريب فيه) وثانيهما: تطبيق الامر البين رشده على الخبر المجمع عليه. وعليه يكون الخبر المعارض له ساقطا عن الحجية، لما دل على طرح الخبر المخالف للكتاب والسنة، فإن المراد بالسنة هو مطلق الخبر المقطوع صدوره عن المعصوم عليه السلام لا خصوص النبوي ولا ينافي هذا فرض الراوي شهرة كلتا الروايتين، فإن الشهرة بمعنى الوضوح، ومنه قولهم: شهر فلان سيفه، فمعنى شهرتهما أنهما قد رواهما جميع الأصحاب وعلم صدورهما من المعصوم (عليه السلام).
والحاصل: أن الخبر الشاذ المقابل للمشهور مقطوع العدم أو موثوق بعدمه، فلا يعمه أدلة حجية الخبر.
لكن يمكن أن يقال: أن كلمة (المجمع عليه) وإن كان ظاهرا في اتفاق الكل على رواية، ولذا استدل بعضهم بها على حجية الاجماع على ما حكاه المجلسيان (قدهما)، وكذا (المشهور) الظاهر في الوضوح، ومقتضاهما كون الشهرة من مميزات الحجة عن غيرها.
إلا أنه يشكل الالتزام به في المقبولة، لقرينة فيها، وهي شمول إطلاق تقديم حكم الأعلم الأفقه الأصدق على غيره لما إذا كان مستند حكمه خبرا مشهورا أم غير مشهور، ولو كان عدم اعتبار الخبر غير المشهور - الذي استند إليه الأفقه احتمالا - قطعيا لما صح تنفيذ حكم الأفقه مطلقا، بل كان اللازم التنبيه على مدرك حكمه، فهو عليه السلام كما أمر بالنظر في ما يفضل به أحدهما على الاخر من الصفات، فكذا كان من المناسب التنبيه على مستنديهما، بأن لا يكون أحدهما خبرا شاذا في قبال مستند الاخر، فعدم التنبيه عليه - مع بعد الاهمال من هذه الجهة - كاشف عن صلاحية الخبر غير المشهور للاستناد إليه، وعدم كونه مقطوع البطلان.
وعليه فالمراد بالمشهور هو المستفيض من حيث النقل، لا من حيث العمل بمضمونه. وهذا المقدار لا يوجب الوثوق بعدم حجية الخبر الشاذ المقابل له، وذلك (لان مفاد الأخبار الدالة على حجية خبر الثقة كفاية وثاقة الراوي في قبول خبره، من دون إناطته بالوثوق الفعلي بخبره، فلا يضر عدم الوثوق الفعلي أو الظن بعدمه. كما أن بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة من حيث كونه لو خلي وطبعه مفيدا للظن بالصدور.
ولو سلم أن الشهرة موجبة للقطع بصدور المشهور فإنما هو في الشهرة رواية وعملا، لا الأولى