منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٧١
فلا يناسبها التعدد، ولا غفلة أحد الحكمين عن المعارض الواضح لمدرك حكمه، ولا اجتهاد المترافعين وتحريهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الاخر، ولا جواز الحكم من أحدهما بعد حكم الاخر، مع بعد فرض وقوعهما دفعة، مع أن الظاهر حينئذ تساقطهما والحاجة إلى ثالث - ظاهرة بل صريحة في وجوب الترجيح بهذه المرجحات بين المتعارضين، فإن تلك الاشكال لا تدفع هذا الظهور بل الصراحة) وزاد المصنف في الحاشية إشكالا خامسا، وحكي عن السيد الصدر إيرادا سادسا.
أما ما أفاده المصنف (قده) فهو: أن الامر في تعيين الحاكم واختياره إنما هو بيد المدعي، فينفذ حكم من اختاره في الواقعة، لا حكم من اختاره المنكر وإن كان أفضل، مع أن مفروض الرواية تفويض الامر إلى حاكمين.
وأما ما حكي عن السيد الصدر فهو: أن اللازم على من يسأل عن حكم المتعارضين أن يجيب بالترجيح بأحد المرجحات، مع أن الراوي سأل مرة عن حكمهما فأجاب عليه السلام بالترجيح المتعلق بالسند، ثم فرض التساوي فيه فأجاب بترجيح المشهور على الشاذ، فيشكل الامر بأن الراوي إن فرض التساوي في الوجوه الاخر غير السند ثم فرض التساوي فيه أيضا كان الجواب التوقف أو التخيير ليس إلا، دون الترجيح بالشهرة. وإن لم يفرض التساوي فيهما كان الجواب العمل بما هو أقوى ظنا من الاخر، لا بما هو أصح سندا منه، لان صحة السند لا تفيد الظن مطلقا كما إذا كانت في مقابل الشهرة ومعلومات أحكام الامامية.
وتفصى السيد الصدر عنه وعن سائر الايرادات ببناء الترجيح على الاستحباب دون الوجوب.
لكنه كما ترى، فإنه فرع سلامة ظهور المقبولة في أصل الترجيح حتى تصل النوبة إلى إقامة القرينة الصارفة لظهور الامر بالأخذ في الوجوب إلى الاستحباب، وأما مع فرض مخالفة بعض الفقرات للمشهور أو المجمع عليه يوهن الاخذ بالظهور بالمرة، قيل بوجوب الترجيح أم باستحبابه.
وكيف كان فأورد المحقق الميرزا الرشتي على ما أفاده شيخنا الأعظم (قدهما) - من عدم قدح الاشكالات في دلالة المقبولة ظهورا أو صراحة على وجوب الترجيح - بأنه مع مخالفة بعض فقراتها لاجماع الامامية وإعراضهم عنها لا مجال للاستدلال بها، ولذا سلك (قده) طريقا آخر للتفصي عن الاشكالات، وقال ما محصله: ينحسم ما عدا الاشكال الأول - أعني به تعدد الحاكم - بارتكاب أحد أمرين: