منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٣٧
وعليه فيكون عمله في غير المسائل التي عمل بها برأي المجتهد حال حياته تقليدا ابتدائيا للميت لا بقائيا، وهو (قده) لا يجوزه كما صرح به في المسألة الخامسة بقوله: (فلا يجوز تقليد الميت ابتدأ) فلا بد من الاقتصار في جواز البقاء على خصوص المسائل التي عمل بها في زمان حياة المجتهد.
نعم بناء على إلغاء شرطية الحياة لاحكام التقليد - وجعل الموت كالعدم - يتجه القول بجواز البقاء في جميع المسائل، سواء كان الميت أعلم من الحي أم مساويا له، لان الميت حينئذ كالحي. إلا أن صدق البقاء لا يخلو من مسامحة.
الثاني: أن التخيير مع التساوي إن كان مستندا إلى استصحاب التخيير الثابت قبل الرجوع إلى الميت فهو مبني على جريان الاستصحاب مع زوال حال من حالات الموضوع، فإن ذلك التخيير كان ثابتا بين المجتهدين حال حياتهما، فلا يجري الاستصحاب مع تغير وصف من أوصاف الموضوع، هذا.
مضافا إلى: أن التخيير إنما هو لرفع التحير، وبعد الاخذ بقول الميت يرتفع التحير، فلا مورد للاستصحاب كما لا يخفى.
الثالث: أن جعل العدول إلى الحي أولى لا يلائم القول بحرمة العدول عن الميت، بل مع الغض عن القول بحرمته نقول: إن مورد البحث من صغريات العدول عن مجتهد إلى مثله في العلم والفضيلة بعد إلغاء شرطية الحياة، وكون المجتهد الميت كالحي في أحكام التقليد. و الظاهر أن جل الأصحاب لا يجوزون العدول إلا إلى الأعلم، فمع تساوي الميت والحي في العلم كيف يكون العدول إلى الحي أحوط؟ مع أن الأكثر لا يجوزون العدول إلى المساوي. نعم الاحتياط في المسألة هو العمل بأحوط القولين مع الامكان مطلقا سواء أكان الميت أعلم من الحي أم العكس أم كانا متساويين.
5 - التفصيل بين ما يعلمها المقلد مما توافق الاحتياط وعدمه ومنها: ما عن السيد الفقيه القمي (قده) في تعليقته على العروة: (بل الأقوى الرجوع إلى الحي في جميع المسائل إلا فيما يعلمه فعلا من فتاوى الميت التي توافق الاحتياط، فيعمل بها، ولا يلزم الفحص عنها مع عدم العلم فعلا). والظاهر أن مراده بقوله: (مع عدم العلم فعلا) أي: عدم العلم