منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٦٢
أدلة جواز تقليد المفضول أما الأول فمحصله: أنه قد استدل على القول بالجواز تارة بالأصل، وأخرى بالدليل، فيقع الكلام في مقامين.
القسم الأول: الاستدلال بالأصل العملي، وتقريبه بوجوه: أ - الاستصحاب الأول: في بيان تمسكهم بالأصل، وقد ذكروا في تقريبه وجوها:
الأول: استصحاب التخيير الثابت فيما إذا كانا متساويين في العلم، ثم صار أحدهما أفضل من الاخر، ويتم في غير هذا المورد بالاجماع المركب.
وفيه: أنه لا مجال هنا للتخيير لا واقعا ولا ظاهرا. أما الأول فواضح، لعدم جعل التخيير الواقعي بين الفتويين اللتين هما طريقان إلى الواقع، وليس فيهما ملاك إلا الطريقية، وعليه فالمجعول واقعا إحداهما أو ثالث.
وأما الثاني فلعدم جريان الاستصحاب فيه، إذ مناط التخيير في حال تساوي المجتهدين - وهو القطع بعدم المرجح - مفقود في صورة أفضلية أحدهما من الاخر، وذلك لاحتمال مرجحية الأعلمية، ومعه لا يحكم العقل بالتساوي، لارتفاع مناط حكمه.
وإن شئت فقل: أن موضوع التخيير كان تساوي المجتهدين في العلم، وقد ارتفع التساوي، لصيرورة أحدهما أعلم من الاخر، وقد قرر في محله عدم جريان الاستصحاب مع زوال وصف من أوصاف الموضوع، لكونه موجبا للشك في بقاء الموضوع مع احتمال دخل الزائل فيه، ومع الشك في بقاء الموضوع لا يجري الاستصحاب كالعلم بارتفاعه.
وتوهم أن هذا الاشكال متجه على الاستصحاب إن كان المستصحب هو التخيير، وأما إذا كان ذلك جواز الرجوع إلى المفضول قبل أعلمية الاخر منه مع كون موضوعه الاجتهاد والعدالة - اللذين هما باقيان بعد حصول الأعلمية قطعا - فلا إشكال في بقاء جواز الرجوع إليه، لتبعية الحكم لموضوعه حدوثا وبقاء من دون حاجة إلى الاستصحاب، للقطع ببقاء الموضوع المترتب عليه القطع ببقاء حكمه فاسد، لان المراد بهذا الجواز ليس هو الإباحة بالمعنى الأخص التي هي من الأحكام الخمسة التكليفية، بل المراد بالجواز هو الوجوب التخييري بتطبيق العمل على إحدى الفتويين، و