منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٣٥
وإطلاق هذه العبارة يشمل صورتي أعلمية الميت من الاحياء، وأعلمية الاحياء من الميت، وصورة التساوي في العلم) والتقليد ب (بعد تحققه بالعمل) إشارة إلى: أن التقليد عنده هو العمل، لا الالتزام، أو التعلم بقصد العمل، فهو من قبيل الشرط المسوق لبيان تحقق الموضوع.
أقول: - بعد الغض عن إشكالات جواز أصل تقليد الميت - إن فيه إشكالين:
أحدهما: أن مقتضى ما أفاده (في المسألة: 5) بقوله: (يجب تقليد الأعلم مع الامكان على الأحوط) لزوم تقييد جواز البقاء على تقليد الميت بعدم أعلمية أحد الاحياء منه، وإلا وجب العدول إلى ذلك الحي الأعلم، لا أنه يجوز العدول إليه على الأحوط الاستحبابي. كما أنه إذا كان الميت أعلم الاحياء وجب البقاء، لا أنه يجوز البقاء، ضرورة أنه بعد البناء على إلغاء شرطية الحياة في التقليد - وعلى جواز تقليد الميت كتقليد الحي - لا بد من مراعاة الأعلمية، بأن يقال: وجب البقاء إن كان الميت أعلم من الاحياء، ووجب العدول إن كان الحي أعلم من الميت.
ثانيهما: أن مقتضى كون التقليد هو العمل - لا الالتزام ولا التعلم بقصد العمل - هو الاقتصار على ما يصدق عليه البقاء، وليس ذلك إلا خصوص المسائل التي عمل بها في زمان حياة المجتهد، لصدق التقليد عليها، دون غيرها مما لم يعمل بها، وصدق التقليد في جميع المسائل مع عدم تحققه حقيقة إلا في بعضها من المسامحة في التطبيق التي لا عبرة بها، ويكون التقليد فيما لم يعمل به حال حياة المجتهد من التقليد الابتدائي للميت الذي هو قائل بعدم جوازه، لا من التقليد البقائي الذي هو موضوع البحث. نعم بناء على كون التقليد هو الالتزام دون العمل يكون صدقه في جميع المسائل على نحو الحقيقة كما لا يخفى.
3 - التفصيل بين ما عمل بها وما لم يعمل ومنها: ما في وسيلة سيدنا الفقيه الأعظم (قده): (نعم يجوز البقاء على تقليده في المسائل التي عمل بها في زمان حياته أو الرجوع إلى الحي الأعلم، والرجوع أحوط).
أقول: الظاهر أن وجه تقييد جواز البقاء بالعمل ليس لأجل تحقق التقليد في تلك المسائل التي عمل بها، إذ التقليد عنده (قدس سره) ليس هو العمل، بل الالتزام، لقوله (قده) في المسألة الثانية:
(التقليد المصحح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتوى مجتهد معين، ويتحقق بأخذ المسائل منه للعمل