منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١١٥
في العمل بواحد من الخبرين ظاهرا، وهذا هو التخيير الظاهري في حجية أحد الخبرين المتعارضين.
وقد يقال: باختصاص الموثقة بأصول الدين وأجنبيتها عن حكم تعارض الخبرين في الفروع بقرينة قوله عليه السلام: (أحدهما يأمر بأخذه) ولو كانت ناظرة إلى الفروع كان الأنسب أن يعبر بالامر بفعله، لمناسبة التعبير بالأخذ بالأمور الاعتقادية. وكذا تعبير الإمام عليه السلام ب (يرجئه) فإن الارجاء في الفروع يؤدي إلى التفويت عادة، بخلافه في الاعتقادات.
لكنه غير ظاهر بعد ما عرفت من ورود كلمة (الاخذ) في تعارض الخبرين الدالين على حكمين فرعيين، كما في المقبولة، حيث تكرر كلمة (الاخذ) فيها، وموردها الفروع، وكذا غيرها من أخبار الباب. و أما الامر بالارجاء فقد عرفت أنه ناظر إلى الواقع، وعدم إسناد أحد الحكمين خاصة إلى الشارع، لا إلى العمل الخارجي.
الرواية السادسة: مرسلة الكافي، لقوله بعد نقل موثقة سماعة: (وفي رواية أخرى: بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك) ودلالة هذه الجملة على التخيير بين المتعارضين تامة.
لكن يشكل الاعتماد عليها من جهة الارسال وإن كان ظاهر تعبير الكليني (قده) وجود رواية بهذا المضمون غير موثقة سماعة. هذا مع احتمال كون الرواية مضمون إحدى الروايات المسندة المتقدمة، فلا يحرز التعدد حتى يستند إليها وإن كان الأصل الأولي عند بيان الاخبار تعددها.
وأما ما ذكره في ديباجة الكافي من قوله عليه السلام: (بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم) فالظاهر أنها منقولة بالمعنى، بل الظاهر أنها إشارة إلى ما ورد من الاخبار في الترجيح بالشهرة وبما وافق الكتاب وبما خالف العامة، لا أنها رواية مستقلة في قبال سائر الروايات حتى يؤخذ بمفادها، ولو لم تكن مأخوذة من غيرها فلا يعلم صدرها حتى يكون الحكم بالتخيير مطلقا أو مقيدا بما جاء في الصدر احتمالا.
وأما خبر فقه الرضا عليه السلام فدلالته على التخيير تامة. والاشكال في سنده كما هو ظاهر.
لكن في ما تقدم من أخبار التخيير غنى وكفاية لاثبات أصل التخيير. و قد عرفت دعوى شيخنا الأعظم استفاضتها بل تواترها، فهي روايات معمول بمضامينها في الجملة بشهادة دعوى صاحب المعالم الاجماع على التخيير بعد فقد المرجح الظاهرة في عدم الاعتناء بوجود المخالف كالشيخ في مقدمة التهذيب وإن ذهب في مقدمة الاستبصار إلى التخيير، بل في العدة ألحق تعارض الاجماعين بتعارض الخبرين مما ظاهره تسلم الحكم بالتخيير في الخبرين، قال في مقدمة الاستبصار: (وإذا لم يمكن العمل بواحد من الخبرين إلا بعد طرح الاخر جملة لتضادهما، وبعد التأويل بينهما كان العامل