منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٦٣٦
بها وإن لم يعمل بعد بها).
فلعل وجه هذا التقييد هو: أن متمم حجية الفتاوي هو العمل بها، بحيث تتوقف حجيتها على العامي - وصيرورتها أحكاما له - على العمل، فالفتاوي التي لم يعمل بها ليست أحكاما للعامي حتى يجوز العمل بها بعد وفات المجتهد.
فإن كان كذلك لزم منه الدور، لتوقف حجية الفتوى على الجاهل على العمل بها، وتوقف صحة العمل وإجزاؤه على حجية الفتوى، إذ لا بد في الاجزاء من كون العمل مستندا إلى الحجة.
وإن كان للتقييد وجه آخر فلم يظهر إلى الان حتى ننظر فيه، هذا.
وأما التخيير بين البقاء والرجوع إلى الحي الأعلم مطلقا فلا يلائم مبناه من وجوب تقليد الأعلم، حيث إنه إن كان الميت أعلم من الحي وجب البقاء، وإن كان الحي أعلم منه وجب الرجوع إليه. إلا أن يراد بقوله (قده): (أو الرجوع إلى الحي الأعلم) أعلم الاحياء فقط مع كونه مساويا للميت في العلم. لكنه خلاف الظاهر.
فالتخيير حينئذ منحصر بصورة واحدة، وهي تساوي الحي والميت في الفضيلة، إذ بعد إلغاء شرطية الحياة في التقليد الاستمراري لا بد من مراعاة شرطية الأعلمية فيه، إذ لا وجه لاهمالها مع إطلاق شرطيتها للحدوث والبقاء.
4 - التفصيل بين أعلمية الميت من الحي وعدمها ومنها: ما أفاده سيدنا الفقيه الحكيم (قده) في رسالة المنهاج بقوله: (إذا قلد مجتهدا فمات، فإن كان أعلم من الحي وجب البقاء على تقليده فيما عمل به من المسائل وفيما لم يعمل. وإن كان الحي أعلم وجب العدول إليه. و إن تساويا في العلم تخير بين العدول والبقاء، والعدول أولى، والاخذ بأحوط القولين أحوط استحبابا).
أقول: ويتوجه عليه - مضافا إلى ما تقدم من إشكالات تقليد الميت - إشكالات:
الأول: أن تعميم جواز البقاء لجميع المسائل مما عمل بها في زمان حياة المجتهد ومما لم يعمل بها مبني على كون التقليد هو الالتزام أو التعلم للعمل حتى يتحقق التقليد في جميع المسائل، ويكون التقليد فيها بعد وفات المجتهد تقليدا بقائيا. لكن التقليد عنده (قده) هو العمل اعتمادا على فتوى المجتهد كما صرح بذلك في المسألة الرابعة.