منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٧٨
وقد تحصل من جميع ما ذكرناه أن الاشكالات التي أوردها شيخنا الأعظم على صدر المقبولة غير واردة عليها. ومع العجز عن التفصي عنها فهي - كما قال (قده) - غير قادحة في الاستدلال بها على وجوب الترجيح.
وأما الجهة الرابعة: - وهي المرجحات المنصوصة في المقبولة - فهي الترجيح بالصفات وبالشهرة وبموافقة الكتاب وبمخالفة العامة.
أما الترجيح بالصفات فقد تقدم في توضيح المتن اختصاصه بباب الحكمين، وعدم شموله للراويين بما هما راويان لحديثين.
فالمهم التعرض لمرجحات أحد الخبرين على الاخر كما صنعه الإمام عليه السلام بعد فرض السائل استواء الحاكمين في الصفات، وهي الشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامة.
وقد يقال: بعدم ارتباط المقبولة بمرجحات الخبرين، لأنها في مقام بيان مرجحات الحكمين دون مرجحات الخبرين، وذيلها وهو (فإن كان الخبران عنكم مشهورين) وإن كان ظاهرا بدوا في السؤال عن الخبرين، وأجيب عن مرجحاتهما. لكن وحدة السياق تقتضي كون مرجحاتهما مرجحات الحكم أيضا، بمعنى كونها مرجحات الخبرين من حيث كونهما مستندين للحكم لا من حيث خبريتهما.
نظير الأعدلية وغيرها من الصفات، فإنها مرجحات للشخص من حيث كونه حاكما لا راويا للحديث حتى تعد من مرجحات الخبرين.
لكنه غير ظاهر، فإن وحدة السياق وإن اقتضت اختصاص المرجحات بالخبرين المتعارضين في باب القضاء، إلا أن التعليلات الواردة فيها تقتضي التعدي إلى مطلق الخبرين المتعارضين سواء كانا في دين أو ميراث أو نحوهما من الماليات أم في أبواب العبادات مثلا.
كتعليل الاخذ بالمشهور بأمرين وهما: كونه مما لا ريب فيه، وكونه بين الرشد. وتعليل الاخذ بما خالف القوم بأن ما خالفهم فيه الرشاد، أو (فإن الحق فيه) كما في خبر العيون. وتعليل الاخذ بما وافق الكتاب في خبر السكوني ب (ان على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا). ومن المعلوم أن عدم الريب في الخبر المجمع عليه لا يختص بباب القضاء، بل هو شأن الخبر المشهور في جميع الأبواب.
كما أن التعليل بكون الرشد في خلافهم آب عن التقييد. وعليه فهذه التعليلات صالحة للتعدي من مورد السؤال في المقبولة إلى سائر موارد تعارض الخبرين.
إنما الكلام في كون الشهرة من المرجحات أو من مميزات الحجة عن غيرها؟ قد يقال بالثاني نظرا إلى أن المذكور في المقبولة هو الاخذ بالمجمع عليه، والمراد به الخبر الذي أجمع الأصحاب