منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٨٣
الجواز في صورة العلم بالمخالفة في الفتوى من عدم شمول الأدلة - من الاجماع والأقربية ومقبولة ابن حنظلة وغير ذلك - لفتوى المفضول.
لكن فيه ما لا يخفى، لان عدم شمول الأدلة لصورة العلم بالمخالفة إنما هو للتعارض المانع عن شمولها للمتعارضين، بخلاف صورة الجهل بالمخالفة، لعدم العلم بالتعارض.
نعم بناء على شرطية أعلمية المرجع في جواز التقليد اتجه الاستدلال المزبور، إذ لا بد حينئذ في جواز تقليد المجتهد من إحراز أعلميته، و مع الشك فيها لا يجوز تقليده. لكن استفادة شرطية الأعلمية من الأدلة في غاية الاشكال، إذ المستفاد منها اعتبار عدم مخالفة فتواه لفتوى من هو أفضل منه، لوضوح شمول دليل الاعتبار لفتوى المفضول كشموله لفتوى الأفضل، والمانع عن حجيتها الفعلية هي المخالفة لفتوى الأفضل.
فالمتحصل: جواز تقليد المجتهد في صورة عدم العلم بمخالفة فتواه لفتوى من هو أعلم منه.
وهنا أبحاث كثيرة لا يسعنا التعرض لها من أراد الوقوف عليها فليراجع ما علقناه على تقليد العروة الوثقى.
وينبغي التنبيه على أمور 1 - عدم جواز الرجوع إلى المفضول ابتدأ الأول: أنه بعد فرض تمامية أدلة المجوزين هل يجوز للعامي تقليد المفضول بدون الرجوع إلى الأفضل أم لا؟ لان هذه المسألة من المسائل الخلافية التي لا بد فيها من الاجتهاد أو التقليد، فلا بد للعامي العاجز عن الاجتهاد في هذه المسألة من الرجوع فيها إلى الأفضل، فإن أفتى بجواز تقليد المفضول جاز له تقليده، وإلا فالرجوع إليه تشبث بمشكوك الحجية.
نعم إذا رجع إلى المفضول غفلة عن كون المسألة خلافية وكانت فتواه موافقة لفتوى الأفضل، أو كانت فتوى الأفضل جواز تقليد المفضول صح عمله، بل يصح أيضا مع الالتفات إلى الخلاف في مسألة وجوب تقليد الأعلم، وتمشي قصد القربة منه ولو رجأ مع المطابقة المزبورة، لموافقة عمله في هذه الصور للحجة.