منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٣٢
وحدة المدلول تشبه المتصلة ومن حيث تعدد الدال تشبه المنفصلة.
ويترتب على هذا أمران:
أحدهما: تعين الاخذ بمدلول الحاكم بعد الفراغ عن إثبات حكومته و إن كان أضعف دلالة على مؤداه من المحكوم، من غير ملاحظة النسبة بين دليلي الحاكم والمحكوم، ولا ملاحظة قوة الظهور و ضعفه، بل يقدم الحاكم - بعد ثبوت نظره - ولو كانت نسبته إلى موضوع دليل المحكوم العموم من وجه. وهذا بخلاف باب التخصيص وسائر موارد الجمع، فان تقديم الخاص والأظهر يكون بمناط تقديم أقوى الدلالتين، ولذا يتوقف في تقديم الخاص في فرض مساواته للعام في الدلالة، وقد يقدم العام على الخاص في المقدار الذي كان العام نصا فيه أو أقوى ظهورا من الخاص.
وبهذا تظهر جهة أخرى فارقة بين بابي الحكومة والتخصيص، وهي:
أن في باب الحكومة لا يخرج سند المحكوم عن الاعتبار حتى لو فرض اقتضاء دليل الحاكم طرح ظهور المحكوم رأسا بحيث لا يبقى تحت ظهوره شئ من مدلوله، لأنه بعد شرح مراده بمفاد الحاكم كان بحكم القرينة المتصلة في تعيين المراد من الدليل المحكوم، و دليل التعبد بسنده لا يلغى عن الاعتبار، إذ ينتهي الامر إلى العمل بمراده ولو بتوسيط شارحه. وهذا بخلاف باب الجمع الدلالي، فان دليل الأظهر لا يكون شارحا لمراد العام، بل العام الظاهر باق بعد على ظهوره في المراد منه مع احتمال كون المراد الواقعي على طبق ظهوره، غاية الامر أنه يجب رفع اليد عن حجيته عند قيام حجة أقوى على خلافه، ولازمه حينئذ بقاء مقدار من الدلالة بحاله لزوما ليكون هو المصحح للتعبد بسنده، وإلا يلزم طرح سنده أيضا، لأنه في حكم التعبد بسند المجمل الذي لا معنى له.
والحاصل: أن باب الحكومة الشارحة للمراد من ظهور آخر تختلف عن باب الجمع بين الدليلين المنفصلين بمناط الأظهرية وقوة الدلالة، وعن باب القرائن المتصلة الشارحة للمراد والكاشفة عن المقصود باللفظ.
هذا ما أفاده شيخنا المحقق العراقي (قده) وهو في غاية المتانة بحسب الكبرى، لكون الحاكم بمنزلة قرينة المراد. لكن الظاهر عدم الظفر به في أدلة الاحكام، فان الحكومات فيها إما موسعة وإما مضيقة، ويلحق الثاني حكم التخصيص من لزوم بقاء مورد للعمل بالعام والمحكوم.
الامر الثاني: الظاهر عدم سراية إجمال الحاكم إلى المحكوم فيما لا يسري إجمال الخاص