منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٥٦
قال شيخنا البهائي في محكي مشرق الشمسين بعد تقسيم الحديث إلى الأقسام الأربعة المشهورة في اصطلاح المتأخرين - وهي الصحيح والموثق والحسن والضعيف - ما لفظه: (وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا، كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم، بل المتعارف بينهم إطلاق الصحيح على ما اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه، أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، وذلك بأمور منها: وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة. ومنها تكرره في أصل أو أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة وأسانيد معتبرة. ومنها: وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم. و منها: اندراجه في إحدى الكتب التي عرضت على الأئمة صلوات الله عليهم، فأثنوا على مصنفيها. إلخ). ونحوه كلام صاحب المعالم في مقدمة منتقى الجمان.
لكن أصل هذه الدعوى لا تخلو من تأمل كما أفاده المحدث النوري في المقام، فإنه (قده) أتعب نفسه الشريفة بالتتبع في كلمات ثقة الاسلام والشيخ الصدوق وشيخ الطائفة وغيرهم واستنتج بتتبعه أمرين:
أحدهما: أن ما اشتهر من كون الصحيح باصطلاح القدماء أعم منه باصطلاح المتأخرين غير وجيه.
وثانيهما: أن الصحيح القدمائي إن كان أعم من خبر الامامي العدل فإنما يطلق عندهم على خبر الثقة غير الامامي أي: من كان عدلا في مذهبه، ولا يطلق على الخبر الضعيف سندا لمجرد الاعتضاد بالقرائن.
وقال - بعد نقل عبارة المنتقى والإشارة إلى كلام الشيخ البهائي المتقدم بيانه - ما لفظه: (ونحن نسأل هذا الشيخ وهذا المحقق عن مأخذ هذه النسبة ومدرك هذا القول، فإنا لم نجد في كلمات القدماء ما يدل على ذلك، بل هي على خلاف ما نسبه - أو من تبعهما - إليهم، بل وجدناهم يطلقون الصحيح غالبا على رواية الثقة وإن كان غير الامامي).
ثم استدل على الامرين المشار إليهما، وقال: (أما الأول فقال الشيخ في العدة - وهو لسان القدماء ووجههم -: فصل في ذكر القرائن التي تدل على صحة أخبار الآحاد أو بطلانها أو ما يترجح به الاخبار بعضها على بعض، وحكم المراسيل: القرائن التي تدل على صحة متضمن الاخبار التي لا توجب العلم أربعة أشياء، وذكر العقل أي أصل الإباحة والحظر والكتاب خصوصه أو عمومه أو