منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٥٨١
بأن في الشريعة أحكاما إلزامية يجب الخروج عن عهدتها عقلا، أو بعلم إجمالي صغير في بعض الموارد، كالعلم الاجمالي بوجوب صلاة الجمعة أو الظهر يوم الجمعة، فإذا قام دليل على وجوبصلاة الجمعة مثلا وكان الواجب واقعا صلاة الظهر كان هذا الدليل حجة معذرة، لكونه موجبا للعذر عن فوت الواقع، وليس حجة منجزة، إذ المفروض تنجزه بمنجز سابق.
إذا عرفت هذين القسمين من الحجة فاعلم: أن الحجج القائمة على الاحكام الواقعية ومنها فتاوى المجتهدين - معذرة فقط، لتنجزها قبل قيام هذه الحجج بالعلم الاجمالي الكبير، فإذا دار أمر هذه الحجة بين التعيينية والتخييرية، فالمرجع فيه قاعد الاشتغال دون البراءة، لكون الشك في الخروج عن عهدة التكليف المنجز.
فالنتيجة: الاخذ بما يقطع معه ببراءة الذمة، وهو في المقام العمل بفتوى الأعلم.
نعم في دوران الحجة التنجيزية بين التعيينية والتخييرية يرجع في تعيينيتها إلى البراءة، لكون الشك في تعلق الطلب بالخصوصية، وهو مجرى البراءة كالشك في تعلق الطلب بالمطلق كعتق الرقبة أو بالمقيد كعتق خصوص المؤمنة، فتنفى الخصوصية بالاطلاق إن كان، وإلا فبأصالة البراءة.
فالمتحصل: أن وجوب تقليد الأعلم إما يكون من باب الاحتياط أي قاعدة الاشتغال بناء على عدم تمامية الأدلة الاجتهادية القائمة على وجوب تقليد الأعلم تعيينا، وإما يكون حكما اجتهاديا بناء على تمامية السيرة العقلائية على وجوب تقليده كذلك، كما عرفت أنها أقوى الأدلة وأمتنها.
تكملة: توافق فتوى الأفضل والفاضل، واختلافهما اعلم أن فتويي الأفضل والفاضل تارة متوافقتان كوجوب تثليث التسبيحات الأربع في الركعتين الأخيرتين، وأخرى متخالفتان كوجوب التسبيحات مرة عند الأفضل، وثلاث مرات عند الفاضل، والمقلد تارة يعلم بالموافقة، وأخرى يعلم بالمخالفة، وثالثة لا يعلم شيئا من الموافقة والمخالفة، بل يحتمل كلا منهما.
فإن كان عالما بالموافقة فليس هذا مورد النزاع في وجوب تقليد الأعلم وعدمه، لان حجية