منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٥١
يروون عن الثقة، فالمتصف من ثقات الرواة بهذه الصفة جمع خاص يمتازون عن غيرهم من الاجلاء بهذا الوصف أي بالاقتصار على الرواية والاخذ من خصوص الثقة.
ولولا إرادة هذا المعنى كان مفاد كلامي الشيخ والكشي مختلفا، لظهور الموصول في (ما يصح) في الرواية، فمعقد إجماع الكشي هو الحكم بصحة روايات هذه العدة بلا نظر إلى خصوصية اقتصارهم على الرواية عن الثقات خاصة، إذ المنسوب إلى القدماء أعمية الخبر الصحيح مما كان رواته إماميين عدولا ضابطين - وهو الصحيح باصطلاح المتأخرين - ومن الثقات غير الإماميين، ومن الضعفاء الذين اعتضدت رواياتهم بقرائن الصدق. وهذا بخلاف كلام الشيخ، لصراحته في أن منشأ إجماع العصابة على العمل برواية هؤلاء الثقات هو اقتصارهم على الرواية عن الثقة سواء في مسانيدهم ومراسيلهم.
كما أن بين العبارتين فرقا آخر، وهو: أن كلام الكشي غير ناظر إلى حال انفراد تلك العدة برواية عن المعصوم عليه السلام مسندة و مرسلة، وحال تعارض روايتهم برواية أخرى، وأنه على فرض المعارضة هل يقدم روايتهم على رواية غيرهم مطلقا؟ أو بالتفصيل بين المسند والمرسل، أو يحكم بالتخيير مثلا، أو غير ذلك، فهذا من قبيل الأدلة الأولية على حجية أخبار هذه الجماعة بلا تكفل لحكم تعارضها مع أخبار غيرهم. ولكن عبارة الشيخ صريحة في حكم الحالتين أي حال التعارض وحال عدم وجود المعارض لأخبارهم. و لعله (قده) استفاد اندراج حكم القسمين في إطلاق إجماع الكشي.
وعلى كل فكلام الشيخ أدل على المقصود - من الحكم باعتبار جميع روايات أصحاب الاجماع سواء المسانيد والمراسيل - من عبارة الكشي.
هذا بعض ما يدل على تقرير الاجماع، وتلقي الأصحاب له بالقبول، و إن شئت الوقوف على كلمات ابن شهرآشوب والعلامة وابن داود وغيرهم فراجع المستدرك، فان المحدث النوري (قده) نقل جملة من عباراتهم.
وبالجملة: فالمتتبع في كلماتهم يحصل له الاطمئنان بثبوت هذا الاجماع عندهم، فإنهم نقلوا ذلك، وظاهر نقلهم من غير نكير هو تلقيهم له بالقبول.
المبحث الثاني: في مفاد قوله: (تصحيح ما يصح عنه) ولهم في ذلك أقوال أربعة: